الخميس، 6 أكتوبر 2011

الرد على عدنان الرفاعى فى مسألة قوله تعالى "وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى "

                               بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى " وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "
يقول عدنان الرفاعى إن المقصود من الاية النساء العوانس اللاتى يئسن من النكاح وان القران الكريم صريح الدلالة على الامر بتعدد الزوجات .
وانا أقول لك :لو فقهت النص لما تطاولت عليه ولما قلت فيه برأيك ولتعلم أن إجماع الامة على ان اليتيم فى الاسلام من مات والده ذكراً كان أم أنثى -فاليتيمة فى الاية الكريمة لا يقصد منها المرأة العانس التى لم تتزوج  وإنما قصد منها الفتيات اليتيمات اللاتى تربين فى حجور أحد أقربائهن ولديها مال ورثته من أبويها وطمع فيها من هى عنده ويدخل فى ذلك أبناء العمة أو أبناء الخال أو أبناء الخالة ومن كان على شاكلتهم أوحتى من لم تكن لديه بها صلة رحم بل لمجرد أنها يتيمة قام على كفالتها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى أخرجه الامام البخارى من حديث سهل ابن سعد " انا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنه"
فكافل اليتيمة هذه كان قديما له معها ثلاث حالات
الاولى: إن كانت جميلة ولديها مال تزوجها لجمالها ومالها ومن ثم استولى على ما لديها من مال .
الثانية : إن كانت غير جميلة ولديها مال منعها من الزواج وذلك بأن يلقى عليها رداؤه ومعنى ذلك ليعلم الخاطبين أنه لا يرغب فى تزويجها لاحد وبذا يكون قد فوَت عليه فرصتها فى الزواج وفى نفس الوقت يكون قد أخذ مالها
الثالثة : انه قد يتزوجها مع انها غير جميلة  ليأخذ مالها كما ذكرنا ولكنه فى الحالتين لا يمهرها مهر مثيلاتها من النساء فنهى الاسلام عن هذه العادة القبيحة وجاء القران بنص واضح صريح يعبر  عما هو كائن آنذاك "وإن خفتم ألا تقسطوا " اى ألا تعدلوا مع هؤلاء فلا تنظروا إليهن رغبة منكم فى نكاحهن بل انظروا الى غيرهن من نساء العالمين وانكحوا ما طابت لكم من النساء أخلاقهن .
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إن للآية الكريمة سبب قد ذكرناه وهو ماكان كائن فى الجاهلية من عادات تجاه اليتيمات ومن ثم فى صدر الاسلام ومع انقضاء السبب وانتهائه اتنتهى صلاحية الاية الكريمة معه أم ان علام الغيوب وضع دستورا سماويا يسرى مفعوله إلى أن يرث الله الارض ومن عليها؟ نعم إن قضية اليتم سارية ومستمرة واليتامى يملأبهم كل بلد من بلدان العالم الاسلامى وغير الاسلامى وما الملاجىء منكم ببعيد  كذلك نظرة المجتمع الى الفتاة اليتيمة على انها تفتقر العزوة والحسب وبخاصة فى عملية الزواج حتى ولوكان من يكون عندما يريد منا ان يزوج ابن له ويشير الى فلانة من الفتيات اليتيمات ترى الوجوه قد تغيرت والاذهان قد تعكرت وتثور ثائرة الاهل والاقارب على من يريد ذلك  والدليل على ذلك نص الآية 127 من سورة النساء ذاتها "ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللآتى لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن"والشاهد فى الاية الكريمة هو قول الحق جل وعلا بصيغة المضارع الذى يفيدالاستمرار والتجدد للفعل "وترغبون أن تنكحوهن "أى ترغبون عن أن تنكحوهن بمعنى عدم الرغبة فى زواجكم منهن لكونهن يتيمات وفوق ذلك لا تؤتوهن ماكتب لهن من حقوقهن سواءً أكانت هذه الحقوق متعلقة بالميراث أوحقوق أوجبها عليكم الشرع وذلك لأن لليتيم فى الاسلام حق مشروع قال تعالى " ويسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين "
وقال ايضا "ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم "
وقال "وآتوا اليتامى أموالهم" الى غير ذلك من النصوص القرآنية التى أوجبت وشرعت ما لليتيم من حقوق فى الاسلام والآيات التى تحدثت عن اليتامى لم يقصد منها النساء العوانس بل إن الحق جل وعلا ذكر المرأة التى لا ترغب فى النكاح وأعطى لها مسمىً آخر قال عز من قائل فى سورة النور " والقواعد من النساء اللآتى لا يرجون نكاحا" ولم يقل اليتيمة من النساء بل المقصود من آيات سورة النساء اليتامى من فتيات المسلمين .
أما عن تعدد الزوجات فى الاية من سورة النساء فإن فى الاية لفتة إبداعية من إبداعات الحق جل وعلا وهو التعبير بالمثنى والثلاث والرباع فلم يقل الحق واحدة ٌ واحدة وإنما ثنى ليدل ذلك على حرص الاسلام الشديد على عدم تفكك الحياة الاسرية حتى مع تعدد الزوجات ومعنى ذلك أنك إذا أردت أن تتزوج زوجة ثانية فأمسك عليك الاولى لا تطلقها حتى لا يضيع النشأ وهذا إن دل فإنما يدل على جمال الاسلام وعظمته فى الحفاظ على التماسك الاسرى فإن استحالة العشرة مع الاولى فلا بأس بالطلاق مع مراعاة الحقوق الشرعية لها ولمن تعول من الابناء
هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فمن كان  منكم  لديه السعة فى المال والقوة فى البدن  وفوق ذلك الرضا بين كلِ من الزوج وزوجته الاولى والثانية فلا جناح عليه ان يأتى بثالثة أو رابعة ليس هذا دعوة للجمع بين النساء وإنما هو حالات فرديه وإن كان ذلك كائنا ً ففى صدر الاسلام من أجل تكثير النسل للحاجة الى العدد آنذاك لا رغبة فى تعدد الزواج وذلك لأن الحق جل وعلا وضع سورا ً لتلك القضية بقوله " ولن تستطيعوا أن  تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " فالأولى لك زوجة واحدة تتقى الله فيها وتحسن تربية ابنائك لتخدم الاسلام كيفا لا كما  ونحن لا نحرم التعدد وإنما نريد أن نثبت أن تفاوت الناس فى التمسك بالوازع الدينى فى عصورنا الحديثة جعل من الصعب أن تستقيم الحياة مع زوجتين فما بالك بثلاثة او اربعة فالاختلاف ليس فى تعدد الزوجات وإنما فى إختلال الوازع الدينى كما أشرنا .



                            سامى طه العقيبى

ليست هناك تعليقات: