الأربعاء، 20 يوليو 2016

قضية الاستواء على العرش

 عندما سئُل مفسرون قدامى : ما معنى قوله سبحانه وتعالى : " الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى ( 5 ) " سورة طه ؟ قال : " كاستوائي على كرسي هذا " ومد قدميه .. منتهى الخطأ .. فلو قبلنا بهذا المعنى لعرش الله نكون حددناه وصغرناه وصورناه .. حددناه في مكان معين .. وصغرناه حتى تشابه مع الأرائك والكراسي .. وصورناه بأنه جالس على كرسي .
في القرآن كلمات تأخذ معنى خاص حسب السياق التي توضع فيه .. لا تملك نفس المعنى في كل الحالات .. مثل كلمة الناس مثلاً .. إن كلمة الناس مجرده تعنى كل البشر مهما كانت ديانتهم وثقافتهم وجنسياتهم لكنها فى القرآن تتلون بمن حولها .  
يقول سبحانه وتعالى : " وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (97 ) " سورة آل عمران .. الناس هنا لا يقصد بهم سوى المسلمين الذين عليهم حج البيت .. خاصةً أن الآية تضيف : " وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " .. وقد استغل البعض كلمة الناس هنا ليقول إن من حق غير المسلمين الحج .. دون أن يستوعب تغير المعنى .. بل أكثر من ذلك لا يقصد كل المسلمين بل يقصد المستوفين منهم لشروط الحج وهى أن يكون المسلم قادراً وبالغاً وعاقلاً .. فلو فقد المسلم شرطاً من هذه الشروط يخرج من الناس المقصودين في الآية .
ويقول سبحانه وتعالى : " ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (199) " سورة البقرة.. أي أفيضوا من عرفات .. أي زيدوا منه .. فكأن الناس هنا يقصد بهم الذين سبق لهم أن صعدوا إلى عرفات في عام سابق أو في نفس العام .
ويقول سبحانه وتعالى : " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ (14)" سورة آل عمران "  فإنه يقصد بكلمة الناس هنا : الرجال .. وعندما يقول سبحانه وتعالى : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ ( 13)" سورة البقرة  فإنه يقصد بكلمة الناس هنا : المؤمنون .
وكلمة العرش مثل كلمة الناس تأخذ معناً مختلفاً باختلاف موقعها .. فالعرش قد يقصد به الكرسي .. كما نفهم من قصة بلقيس وسيدنا سليمان .. " قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ (42)" سورة النمل .. " نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا (41) " سورة النمل .." أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا (38) " سورة النمل .. والعرش قد يقصد به سقف البيت .. وقد يقصد به العمل في خلايا النحل .. " وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) " سورة النحل  .
معاني كثيرة لكلمة العرش فلماذا لا نقبل إلا بمعنى الكرسي ؟ .. السبب أن هناك من قديم التفسير من قال ذلك واستمر معنا .. أولهم قال هذا فثبت عند آخرهم .. والمعتاد عند المفسرين كالمعتاد عند الموظفين .. أول توقيع هو الذى يحرك الورقه ثم يوقع الثانى على توقيع الأول ويوقع الثالث على توقيع الثانى .. ألاول هو الذى يحدد ما فهم الأخير فلو أخطأ يستمر الخطأ .. ولو راجع أحد ما قال الأول فإنه يُتَهم بما لا يطيق .. فمن الذى يجرؤ على مراجعة القرطبى وابن كثير مثلاً ؟ .
لقد جعلوا للمفسرين قداسه حتى أن مراجعة كلامهم يعد خروجاً عن المألوف .. إننا لا نقول إن ما جاء منهم خطأ وإنما نقول إنه ربما كانت هناك معانٍ أخرى وإلا ما كان هناك مبرر لوجود أكثر من مفسر .
عرش الله ليس كعرش بلقيس واستواؤه على العرش كاستوائنا على مقاعدنا خطأ غير مقبول ولماذا جاءت آية الكرسى كأعظم آية فى كتاب الله تعالى "وسع كرسيه السماوات والارض" البقره34 وهذا من باب التنويه الى  ان الله منزه عن كل ما ذكر .. أما ما المقصود بالاستواء فلا نستطيع معرفته إلا إذا عرفنا معنى كلمة الرحمن .. الرحمن الذى استوى على العرش .
الرحمن أسم صفه ومنه الرحمانيه والرحيم أسم صفه ومنه الرحيميه .. الرحمانيه تمزج بين الرحمه والعذاب .. والرحيميه تعنى رحمه خالصه .. كلمة الرحمن أسم الله .. فهو سبحانه وتعالى رحمه وعذاب .. مثل الدواء مر وشفاء .. أما الرحيم فمثل كوب من الماء البارد في صحراء من العطش .
وأسماء الصفات الإلهيه في مركز انطلاق تجليها أو فى موضع فياض الجبروت تبدو وكأنها متضاده .. الخافض والرافع .. المعز والمذل .. المحي والمميت .. مثلاً .. فبعض هذه الأسماء جمالى : فيه رحمة الماء البارد فى الحر .. المانح والمعز والمحيي والوهاب والعليم .. مثلاً .. والبعض الآخر جلالى يصعب على الإنسان تحمله .. المنتقم والجبار والمذل والقهار .. مثلاً .. وحياض الجبروت إما جماليه أو جلاليه .. فلابد من إسم صفه يسيطر عليهما معاًً ويجمع بينهما معاً .. هنا نجد الرحمن الذى يجمع بين الرحمه والعذاب .. بين الأسماء الجماليه والأسماء الجلاليه .
مثل قرص خلية النحل .. فيها حياه لا تنتهى ولابد من ملكه لها تسيطر وتحكم هى الملكه التى لها عرش فى الخليه .. " عرشت له " .. وأسم الرحمن يسيطر على العرش كما تسيطر الملكه على خلية النحل مع البون الشاسع فى الفرق وانما جئت به للتقريب والتمثيل - معاذ الله عن كل ذلك -.. فلو كانت الأسماء مثل النحل فإن الرحمن هو الملك  .. ولو كانت الأسماء تنقسم بين الجمالى والجلالى فإن الأسم الذى يجمع بينهما هو أسم الرحمن ويعرف بالأسم الكمالى الذى يجمع بين الجلال والجمال .. هو سيد العرش .
لو كان أسم الرحمن جمالياً فلن تكون له السياده على الأسماء الجلاليه ولو كان جلالياً فلن تكون له سيطره على الأسماء الجماليه .. لابد أن يكون الرحمن مهيمناً ومسيطراً على كل أسماء الصفات الإلهيه   .
والعرش ليس هناك ما نعرف مكاناً للجلوس عليه .. وإنما مفهوم للسيطره .. للهيمنه .. فلو أن حاكماً اُنتخب لرئاسة دوله فهل من الضرورى أن يكون له عرش حتى يهيمن ويسيطر ؟ .. ولو لم يكن لملك عرش فهل لا يكون ملكاً ؟ ..  هل لا تكون له سطوه وقوه ؟ .. ولو ترك ملك كرسى العرش وجلس على الأرض فهل يفقد صلاحيته ؟ .. ليس من الضرورى أن يكون الكرسي موجوداً ليكون الملك ملكاً .. ولو كان ذلك يحدث مع البشر فما بالنا بالله .. إنَّ استوى تعنى هيمن وسيطر وتحكم ولا تعنى استوى وتمدد .
الرحمن على العرش استوى .. تعنى أن الله سيطر وهيمن على العرش بكل صفاته الجماليه والجلاليه ليكون أسم الرحمن كمالياً .. ليكون ذا الجلال والإكرام .
ما ضمه أسم الرحمن جرى تفسيره فى الأسماء الأخرى لله سبحانه وتعالى .. فقد جمع الرحمن ما بين الجلال والجمال .. وما فى الرحمن من جلال فُسر فى الأسماء الجلاليه وما فيه من جمال فُسر فى الأسماء الجماليه .
ولكن ما الفرق بين الرحمن - والرحيم- ؟ الرحمن هو من تعدت رحمته الى كل من ليس به حياة  كالجمادات بأنواعها المتعدده -أما الرحيم فهو خاص بكل من به روح من الاجناس المختلفه من مخلوقات الله عزوجل ولذا بدء بالرحمن وثنى بالرحيم لان الاصل فى الوجود كان جمادا .
ونأتى إلى قوله سبحانه وتعالى : " وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " .. لنقول : المقصود بالماء ليس البحار والمحيطات وإنما المقصود بها الروح .. فقد أنزل علينا من السماء ماء فأحيا الأرض بعد موتها .. فالأرض هى الجسد والماء هو الروح .. ويقول سبحانه وتعالى : " وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ (45) " سورة النور .. " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (30) " .. سورة الأنبياء  فلا يكون الشئ حياً إلا إذا كان به ماء .. الماء هو الروح .. ومن ثم فإن عرشه على الماء هيمنته على الروح .
نعود ونقول فى تفسير هذا ! موضوع العرش أي كل كلمه فى القرآن تأخذ معناً مختلفاً حسب سياقها .. وأن كلمة العرش لا يقصد بها مكاناً للجلوس وإنما يقصد بها القوة والهيمنة والسيطرة ..  والعرش هو كل ما خلق الله عز وجل يعنى الملكوتات بأسرها هى عرش الله تعالى ولو كان بعض أسماء الله جلالياً يعنى العذاب وبعضها الآخر جمالياً يعنى الرحمه فإن إسم الرحمن الذى يجمع بين الرحمه والعذاب هو أسم الله الذى يسيطر على تجلى صفاته المذكوره فى أسمائه .. هو أسم كمالى يسيطر على كل ما هو جمالى وجلالى .. ولو كنا قد توصلنا إلى أن الماء يعنى الروح فإن عرش الله على الماء تعنى سيطرته على الروح ..والمقصود به  الحركة فى الكون  فمنذ الانفجار العظيم والحركة مستمره يحركها محرك لا يتحرك أوما  اسماه " انشتاين " الثابت الزمنى- فالله ثابت محرك لا يتحرك بيده مقاليد السماوات والارض --- سبحانه وتعالى .


الاثنين، 11 يوليو 2016

النور فى قلب الظلام – والخير فى اعماق الشر مخبوء

إن واقع الامة الاسلامية والعربية اليوم وكما يعتقد معظم الناس انه شر يحاك لها وبها  من اجل تفكيكها واستباحت محرماتها واستنزافا لثرواتها : هذا حق" ولكن الذى غفل عنه الجميع أن الخير دائما مخبوء فى اعماق الشر قال تعالى " فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"19- النساء وقال ايضا" وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب"178 ال عمران.
ان جميع المؤامرات التى نسجت الصهيونية خيوطها منذ هزيمتهم فى عام 1973 اصبحت امرا واضحا وواقعا على مسرح بلدان العالم العربى خاصه والعالم الاسلامى عامة وذلك مما أسموه – بالربيع العربى –ولكن رغم ماحدث ويحدث إلا انه لم ولن يصب فى مصلحة اعدائنا ولا مصلحة من يناصرهم لا من قريب ولا من بعيد وذلك لسببين
الاول: انه استنزافا لثرواتهم الطائلة التى انفقت على هذا المشروع  الضخم- وهنا يطمئننا المولى سبحانه وتعالى بقوله عز من قائل " إن الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا الى جهنم يحشرون"38 الانفال-
الثانى : وكما اخبرنا الحق جل وعلا  ان فى مكرهم وتآمرهم على الاسلام واهله تخريبا لبيوتهم واوطانهم مهما علو يوما ما قال تعالى "يخربون بيوتهم بأيديهم وايدى المؤمنين فاعتبروا يأولى الابصار"-2- الحشر – فالناظر فى الامر من منظوره البعيد لابد وان يطمئن وذلك لان الذى اخبرنا بذلك صادق انه الله عز وجل " ومن اصدق من الله قيلا"

                           الربيع العربى
                           ________
او ما يعرف بثورات الخراب العربى  انها كلمة اصطلح عليها اعداء الاسلام والعرب من اجل ان يثوروا على حكامهم  من اجل الحريه والديموقراطيه والمساواة  وهذه المصطلحات الثلاثة  وكما ذكر اليهود فى بروتوكولات حكماء صهيون مانصه " اننا لابد وان نطبق على شعوب الجويم (البهائم) هذه المصطلحات الثلاثة الحريه- الديموقراطية- المساواة- رغم انها مصطلحات جوفاء لا طائل من ورائها رغم اننا الذين قمنا بوضعها .
ومنذ ان دمرت العراق واشتعلت ثورات الخراب العربى فلم نرى للربيع زهر ولا اغصان   لم نرى سوى الوان الدماء فى الطرقات ولم نسمع سوى صوت الرصاص والمتفجرات ليلا ونهارا . وقد استخدم الاعداء من اليهود ومن على شاكلتهم  من ييحقق لهم مآربهم من اهل الاسلام انفسهم  بدون ان يشعر احد ماذا يعمل الشيطان فى الخفاء – ومن هنا جندوا بعض ادعياء العلم من اهل الاسلام انفسهم  والذين تربو فى احضانهم واغدقوا لهم الهبات والعطايا  واسالوا القرضاوى وامثاله من كبار ادعياء السلفيه والاخوان وحتى الاحزاب  وكذلك الشباب المستتر تحت شعارات وهميه كحقوق الانسان والمجتمع المدنى وغيرهم من الذين سال لعابهم من بريق المال  ومن هنا اعملوا كل طاقاتهم على ان يصل الصوت والصورة الى العالم كله فجندوا وسائل الاعلام التى انشئت من اجل هذا الغرض الدنيىء كالجزيرة وغيرها والتى اديرت  منذ سنوات طويله  على ان تعمل فى صمت  وتنخر فى عرى المجتمعات العربية  ببرامج اعدت خصيصا لذلك وكان الهدف منها  اسقاط هيبة الحكام العرب واسألوا برنامج الاتجاه المعاكس .
ويحق  لنا ان نتسائل؟
أى ربيع هذاالذى يتساقط فيه حكام العرب كما تتساقط اوراق الاشجار فى فصل الخريف – انهم يتساقطون ما بين مخلوع ومطرود ومقتول –أى ربيع هذا الذى ادى بالامة العربية الى ان تتخبط فى بحار من الحيرة والشك بين ماهو حق وبين ما هو باطل ؟
أى ربيع هذا الذى جعل من شباب الامة العربية وقودا يحرقون به انفسهم واوطانهم ؟
1. إن هذا الربيع  لا يمكن ان يكون ربيعا لامة تتآكل اركانها وتضمحل حضارتها وتشوه معالمها – انه ربيع لاعدائنا  ومن هنا اسموه بالربيع لانهم يحاربون بلا قتال وينتصرون بلا سلاح – بينما هو عين الخريف الذى ينهى كل معالم الربيع لتحل برودة الشتاء القارصة .
                          المؤامرة الكبرى على الاسلام
                    فى حديث خير الانام صلى الله عليه وسلم
                  ___________________________
فقد كشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤامرة على اكبر ثلاث بلدان عربية منذ مايزيد على الف واربعمائة عام – على ان هؤلاء الثلاثة هم الحصن الحصين للامة العربية قديما وحديثا فلقد اخرج الامام مسلم فى صحيحه من حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشام مديها ودينارها ومنعت مصر إردبها ودينارها وعدتم من حيث بدأتم قالها ثلاثا شهد على ذلك لحم ابى هريرة ودمه"
إنها الخطه الموضوعة من عقود من قبل الصهيونية ومناصريها من عملاء الشرق والغرب  وهى ما تسمى بالطوق النظيف وفى المعتقد اليهودى  من النيل الى الفرات
-       وهو القضاء على الجيوش الثلاث الاكبر فى الشرق الاوسط 1- العراق
2- سوريا
3- مصر
 وبالفعل وقعت العراق فى شرك المصيده وحوصرت بغداد وسقطت وتم اعدام صدام حسين رحمه الله وتشرذم ابناء العراق مابين شيعة وسنه واكراد وبيشمرجه وإيزيدين وغيرهم من المذاهب التى كان صدام قد وئد فتنتها من سنين وسقط جيش العراق وانهار مابين عشية او ضحاها
وجاء الدور على سوريا – وبالفعل نشبت ثورة كاذبه  ماهى الا عصابات لليهود وغيرهم تجوب بقاع سوريا تقتل تخرب  وبالفعل منعت سوريا كما اخبر الصادق المصدوق .
 ومصر ثورة ثم ثورة  واحدة دمرت واحرقت و ارادت ان تهدم كيان الامة كلها  ولكن جاءت اخرى فصححت واعادت الامور شيئا ما الى ما كانت عليه – لانه لم يعد للعالم العربى سوى جيش مصر ولا يمكن للاسلام ان يموت او ان يصبح بلا درع وسيف يحميه  فى الارض ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ان آخر مرحلة من مراحل الثورات المدمرة هى مصر – ومعنى ذلك ان المؤامرة  سوف تكشف وتفتضح على ارض مصر وسيتم افشالها واحتواؤها لانه صلى الله عليه وسلم لم ياتى ببلد آخر بعد مصر والا لصارت مثل سابقتيها العراق وسوريا لانه صلى الله عليه وسلم قد اطلعه الله تعالى على طبيعة هذا الشعب ومدى تجانسه وتآلفه الذى عبر عنه صلى الله عليه وسلم بقوله فيما اخرج الامام مسلم" هم واهليهم فى رباط الى يوم القيامه " والرباط هو
1-            يأتى بمعنى الجهاد فى سبيل الله تعالى  ومنه قوله تعالى " واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل " والمعنى الجهاد.
2-            يأتى الرباط بمعنى اقامة مراسم الشرع  وفى هذا المعنى اخرج الامام مسلم من حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال – قال النبى صلى الله عليه وسلم "الا ادلكم على ما يمحوالله به الخطايا ويرفع به الدرجات –قالوا بلى يا رسول الله –قال اسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرياط فذلكم الرباط"
3-             يأتى الرباط بمعنى التآلف والوحدة  الوطنيه بين اطيافه .
والشاهد فى الحديث على ما اسلفنا قوله  صلى الله عليه وسلم" وعدتم  من حيث بدأتم "وقد ذكر ابن حجر وغيره فى شرح هذا الحديث ان المقصود من غربة الاسلام هى عودته كما بدأ بمعنى الضعف والهوان  هذا كلام صحيح ولكن الناظر يجد ان الاسلام غريبا منذ ما يزيد على الثلاثة قرون  فهل يعود الغريب من سفره ام يسافر فى غربته؟ لاشك سيعود الغريب من سفره يوما ما – ولكن المعنى المقصود فى الحديث والله اعلم هو عودة الروح والوحده تمهيدا لوعد الله – فكما بدأ الاسلام فى مكة وحيدا فريدا مستضعفا ثم مالبث ان صار امة موحدة غزت ربوع العالم كله  فكذلك سوف يعودالاسلام فى التجمع من جديد  وهذا ظاهر من قول الحق جل وعلا "هو الذى ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"33- التوبه
والظهور معناه ان شيئا قد غاب ثم بدا وظهر ومنه ظهور الهلال حيث كان مختفيا هذه هى العودة من حيث البداء وقد باتت وشيكه .
                       ولكن لماذا مصر هى المنوط بها كشف هذا
                      الامر؟
 الجواب عن ذلك من وجوه :
الوجه الاول: ان مصر هى قلب الامة العربيه وقد كشفت ناسا مؤخرا عن صورة التقطتها من الفضاء الخارجى تظهر مصر على شكل قلب فى مؤخرته زهرة اللوتس – ومن هنا تعجبوا قائلين لماذا مصر هى الدوله الوحيده فى العالم التى تظهر على هذا الشكل – ومن هنا نقول لهم لانها هى التى تضخ دماء الحضارة للعالم كله واذا كانت مكة المكرمه هى مركز العالم – فمصر هى القلب لذلك المركزوالقلب هو الذى يعطى الجسد الحركة والحياة وان توقف توقفت معه معالم الحياة – ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما اخرج البخارى "الا ان فى الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهى القلب" فمصر ان صلح شأنها صلح امر العالم كله واذا حدث فيها عطب اصيب العالم كله بذلك .
الوجه الثانى:انه فى تكوين لفظ مصر معجزة فى ذاته – فهى الدولة الوحيدة فى العالم الغير قابلة للتقسيم وذلك من وجوه:
الوجه الاول: ان الله تعالى قد خلد ذكرها فى التوراة والانجيل وختم به فى اعظم كتاب الا وهو القران الكريم  وهذا التخليد لاسمها معجز كما اسلفنا لان الله تعالى عندما ذكرها  بمصر فهى مصر واحدة  وهو الاعجاز اللفظى  اذ تتكون مصر من ثلاث حروف مترابطه الميم والصاد والراء واقاليم مصر ثلاثه الجنوب والوسط والشمال والاقسام الثلاثة فى ارتباط وتماسك الى قيام الساعة ولكن غاب عن مصر اقليم رابع انه سيناء وكان الله عزوجل يقول لنا لقد اوكلت اليكم امر سيناء فى المحافظة عليها والتمسك بها ولذا سيناء تارة تؤخذ وتارة تسترد وهذا امر واقع على مدار التاريخ كله.
  فكانت مصر لموقعها من العالم وتكوينها وتماسك شعبها هى الحجر الذى يمنع تفشى تلك المؤامرة الدنيئه الى بقاع اخرى غير مصر ومن هنا ختم النبى صلى الله عليه وسلم بها  وتلك بشارة  بمعنى لا تخافوا على مصر فانها مكلوئة بعين الله الذى لا ينام.
واذا كان الحق جل وعلا قد تكلم بكلام هو القران الكريم  دستور كل مسلم فى شتى بقاع الارض  ومقدس "لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" ومن ضمن الالفاظ الموجودة فيه مصر فمصر لفظ مقدس يتعبد به واذا كان الحق جل وعلا قد ضمن بقاء كتابه  الى يوم القيامة بقوله عز من قائل" انا نحن نزلنا الذكر وانا له حافظون"فمصر محفوظة بحفظ الله تعالى لكتابه.
وكان هذا هو السبب الرئيسى لان تكون لمصر هذه المنزلة الكبيرة حتى فى كشف المؤامرة التى تحاك بالامة من كل صوب وحدب .
 كما ان مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى عاقب الله فيها فرعون وحده ولم يعاقب شعبها كما فعل الله بالسابقين من قبل وبقيت مصر هى مصر.
                          _____________


                             من اين جاء الضعف والخور؟
                           ___________________
ان ما تعانيه الامة العربية اليوم امر قدرى قد قدره الله تبارك وتعالى والاقضية والمقادير تسوق بعضها بعضا فقدر يهيىء لقدر اوكما قيل " وتهيىء الاقدار للاقدر "

كل ذلك بعلم الله القدير وعنايته فالضعف  والخور دائما يكونا مصدر القوة فلا يمكن للجنين ان يخرج من رحم امه الا بصرخات وآهات ولا يمكن للفجر ان ينبلج الا بعد ان  تهيم الخفافيش فى الظلام وتعبث اللصوص اللئام – وقدقيل لكل ولادة مخاض- والامة العربية الان فى مرحلة المخاض الذى سوف ينجب جيلا – يعيد للاسلام هيبته وللامة كرامتها وعزتها .