السبت، 28 يناير 2012

"تبارك الله " واسرار ذكرها فى القران الكريم

                              بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى بارك ذاته بتبارك الله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق ورسول الحق الى الخلق محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم
                  وبعد 
فقد تكرر لفظ تبارك فى القران الكريم تسع مرات 
اولاها فى سورة الاعراف من قول الحق جل وعلا فى الاية54"إن ربكم الله الذى خلق السماوات والارض فى ستة ايام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين"
لماذا جيىء بتبارك فى أول اية ذكر فيها الاستواء على العرش؟
اولاً - لأن الحق ذكر قبل الاستواء خلق السماوات وأنه قد تم فى ستة ايام - معنى ذلك أن الايام التى خلق فيها الحق هذا الملكوت وان كانت من ايام الدنيا فإنها تحتاج الى زمن والزمن الى حركة والحركة الى مكان فأحاط الله القضية بتبارك ليعطى الخلق اشارة جلية الى ان الله متعاظم عن المكان والزمان والحركة والمساحة .
ثانيا- ليلفت انتباه العالمين الى قضية الاستواء على العرش والتى حار فيها العلماء والمتكلمين بأنه وان كان لى عرش فقد تعاظمت ذاتى عن الجلوس عليه وما ذلك الا لكون العرش مخلوق وما دام مخلوق فلا ينبغى لمخلوق  ان يحمل الخالق والحق جل وعلا من اسمائه القيوم فكيف يجلس او يستوى على عرشه وهو لا تأخذه سنة ولا نوم ولأن الجلوس يستدعى الراحة والراحة تستدعى السنة والسنة تستدعى النوم وكل ذلك فى حق الله محال ولذا لن يتكرر لفظ تبارك مع اى اية يذكر فيها الاستواء بعد لأن الله قد اعطى اشارة كما ذكرنا مع اول اية استواء فى القران .
ثانيها - فى سورة المؤمنون من قول الحق جل وعلا من الاية 41"ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا آخر فتبارك احسن الخالقين"
ذكر الحق تبارك هنا ليقول لخلقه : تعاظم وتعالى شأن الله من التغيير والتبديل من حال الى حال لأن ذلك مما يجرى على المخلوق منزه عنها الخالق وفى ذلك اعلام لذوى العقول بأنه مهما عبد فى الارض غير الله من ألهتكم المصنوعة ما سمعنا انها اوجدت طفلا بتلك الكيفية التى يتقلب فيها من طور الى آخر ومن هنا جاء الحق بقوله احسن الخالقين ليعلم الجميع ايضا انه وان كان الاب شريك فى عملية الايجاد من ناحية السبب الا ان الله تعالى هو الذى اوجد السبب فتبارك الله.
ثالثها - فى سورة الفرقان من قول الحق من الاية 1"تبارك الذى نزل الفرقان على عبده" 
لقد جاء الحق بتبارك هنا ليرفع الايهام الذى قد يساور بعض العباد من معنى النزول لان الذى ينزل لاشك يصعد وفى ذلك اثارة لمعنى الحركة فنزه الحق ذاته بتبارك اى تعاظم وتعالى شأن الله من النزول والصعود وانما الذى نزل هو وحى الله .
رابعا - من نفس السورة من الاية 10" تبارك الذى ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الانهار ويجعل لك قصورا"
ان الذى يستشعر لذة النعيم وذلك من خلال الانهار والقصور هو الانسان المخلوق اما الحق فتبارك شأنه عن ذلك وتنزه فى صفاته واسمائه عن التلذذ والنعيم ومن هنا جيىء بتبارك.
خامسا- من نفس السورة من الاية 61"تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا"
لقد اكتشف العلم الحديث ما للبروج والاخاديد الكونية من عظمة وسعة واذا كانت هذه هى عظمة وسعة المخلوق فما بالك بعظمة وسعة الخالق فتبارك الله كذلك السراج وهى الشمس والقمر كل هؤلاء فى خدمة المخلوق اما الخالق فغنى عن العالمين لا شمس ولا قمر ولا نجم ولا مجرة الكل فى خدمة من خلقه الله منزه عنه الله فتبارك الله.
سادسا - فى سورة غافرمن الاية64" الله الذى جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين"
ولقد ذكر الحق جل وعلا تبارك هنا ليدل على تنزيه الحق وعلو شأنه عن القرار الذى يحمل المخلوق وهو الارض وكذلك عن الصورة إذ ان الله ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ومن هنا كان ذكر تبارك.
سابعا - فى سورة الزخرف من الاية85" وتبارك الذى له ملك السماوات والارض وما بينهما وعنده علم الساعة واليه ترجعون"
لما اتى الحق بتبارك هنا ؟ ليعلم الخلق ان المالك الحق لهذا الوجود لا ينتفع بالموجود من عين الوجود مع ان كل ملك له ملك ولا شك انه ينتفع بمالكيته لما يملك فتعاظم وتقدس الحق عن مثل ذلك رغم انه مالك وملك فتبارك الله.
ثامنا - من سورة الملك من الاية1" تبارك الذى بيده الملك" 
ولما كان الحق سوف يذكر اليد فقد احاطها بسياج تبارك حتى لا تشرد عقولكم فى كنه يد الحق جل وعلا  لان الله تعالى معظم فى ذاته ومنزه عن مشاكلة الحوادث.
تاسعا - من سورة الرحمن من الاية78"تبارك اسم ربك ذى الجلال والاكرام"
والمعنى هنا هو منتهى البركة فى الاسم والتى هى من بركة المسمى به وهو الله .
          والحمد لله رب العلمين
                                         سامى العقيبى