الجمعة، 20 أبريل 2012

القرآن المعجز

البناء الكوني والبناء القرآني والرقم سبعة
هذا الكون الواسع من حولنا بكل أجزائه ومجرّاته وكواكبه.. كيف تترابط وتتماسك أجزاؤُه؟ من حكمة الله تعالى أنه اختار القوانين الرياضية المناسبة لتماسك هذا الكون, ومن هذه القوانين قانون التجاذب الكوني على سبيل المثال, هذا القانون يفسر بشكل علمي لماذا تدور الأرض حول الشمس ويدور القمر حول الأرض... , هذا بالنسبة لخلق الله تعالى فماذا عن كلام الله؟
حتى نتخيل عظمة كلمات الله التي لا تحدها حدود يجب أن ننظر إلى كتاب الله على أنه بناء مُحكَم من الكلمات والأحرف والآيات والسور, وقد نظّم الله تعالى هذا البناء العظيم بأنظمة مُعجِزة.
إذن خالق الكون هو مُنَزِّل القرآن, والذي بنى السماوات السبع هو الذي بنى القرآن , وكما نرى من حولنا للرقم سبعة دلالات كثيرة في الكون والحياة نرى نظاماً متكاملاً في هذا القرآن يقوم على الرقم سبعة, وهذا يدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى وأن القرآن هو كتاب الله عزَّ وجلَّ.
لماذا اقتضت مشيئة الله عزَّ وجلَّ اختيار الرقم 7
هذا الرقم يملك دلالات كثيرة في الكون والقرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. حتى تكرار هذا الرقم في كتاب الله جاء بنظام محكم. وهذا البحث يقدم البراهين على ذلك، فلا يوجد كتاب واحد في العالم يتكرر فيه الرقم سبعة بنظام مشابه للنظام القرآني. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية هذا الرقم وأنه رقم يشهد على وحدانية الله تعالى. 
فعندما ندرك أن النظام الكوني قائم على الرقم سبعة، ونكتشف الرقم ذاته يتكرر بنظام في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرناً، فإن هذا التشابه يدل على أن خالق الكون هو منَزِّل القرآن سبحانه وتعالى. 
الرقم سبعة في الكون
عندما بدأ الله خلق هذا الكون اختار الرقم سبعة ليجعل عدد السماوات سبعة وعدد الأراضين سبعة. يقول عزَّ وجلَّ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 65/12]. 
حتى الذرة التي تعد الوحدة الأساسية للبناء الكوني تتألف من سبع طبقات إلكترونية ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك. كما أن عدد أيام الأسبوع سبعة وعدد العلامات الموسيقية سبعة وعدد ألوان الطيف الضوئي المرئي هوسبعة. ويجب ألا يغيب عنا أن علماء الأرض اكتشفوا حديثاً أن الكرة الأرضية تتكون من سبع طبقات! 
الرقم سبعة في السُّنَّة النبوية
كثيرة هي الأحاديث النبوية الشريفة التي نطق بها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم. وقد كان للرقم سبعة حظ وافر في هذه الأحاديث وهذا يدل على أهمية هذا الرقم وكثرة دلالاته وأسراره. 
فعندما تحدث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الموبقات حدد سبعة أنواع فقال: (اجتنبوا السبع الموبقات....) [البخاري ومسلم]. 
وعندما تحدث عن الذين يظلُّهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة حدد سبعة أصناف، فقال: (سبعة يُظلّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه...) [البخاري ومسلم].
وعندما يتحدث عن الظلم وأخْذِ شيءٍ من الأرض بغير حقِّه فإنما يجعل من الرقم سبعة رمزاً للعذاب يوم القيامة، يقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ مِنَ الأرضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أراضين) [البخاري ومسلم]. 
وعندما أخبرنا عليه الصلاة والسلام عن أعظم سورة في كتاب الله قال: (الحمدُ لله ربِّ العالمين هي السَّبْعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه) [رواه البخاري].
وفي السجود يخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الأمر الإلهي بالسجود على سبعة أعضاء فيقول: (أُمرت أن أسْجُدَ على سَبْعَةِ أَعْظُم)     [البخاري ومسلم]. أما إذا ولغ الكلب في الإناء فإن طهوره يتحدد بغسله سبع مرات إحداهن بالتراب. 
وعندما تحدث عن القرآن جعل للرقم سبعة علاقة وثيقة بهذا الكتاب العظيم فقال: (إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف)  [البخاري ومسلم]. وهذا الحديث يدل على أن حروف القرآن تسير بنظام سباعي مُحكَم، والله تعالى أعلم.
وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن جهنَّم يوم القيامة فقال: (يُؤتَى بِجَهَنَّم يومئذٍ لَها سبعون ألفَ زمام) [رواه مسلم]. كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستجير بالله من عذاب جهنَّم سبع مرات فيقول: (اللهمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ) [رواه النَّسَائي].
وفي أسباب الشفاء أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نقول سبع مرات: (أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأحاذر) [رواه مسلم].
حتى عندما يكون الحديث عن الطعام نجد للرقم سبعة حضوراً، يقول صلى الله عليه وسلم: (من تصبَّح كلَّ يوم بسبع تَمرات عجوة لم يضرَّه في ذلك اليوم سمٌّ ولا سِحْرٌ) [البخاري ومسلم]. 
أما الحديث عن الصيام في سبيل الله نجد من الأجر الشيء الكثير الذي أعده الله للصائم. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعَدَ الله بذلك اليوم وجهَهُ عن النار سبعين خريفاً) [البخاري ومسلم].  
وعندما قدم أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يخبره عن المدة التي يختم  فيها القرآن فقال عليه الصلاة  والسلام: (فاقرأه في سَبْعٍ ولا تَزِدْ على ذلك) [البخاري ومسلم]. 
كما كان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله سبعين مرة. وكان يقول عن مضاعفة الأجر: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف) [رواه مسلم].
وفي اللجوء إلى الله تعالى لإزالة الهموم كان النبي عليه صلوات الله تعالى عليه وسلامه يردد سبعاً هذه الآية: (حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 9/129]. 
وهكذا نرى بأن الرقم سبعة هو الرقم الأكثر تميزاً في أحاديث المصطفى عليه صلوات الله وسلامه. هذه الأحاديث الشريفة وغيرها كثير تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصَّ هذا الرقم بالذكر دون سائر الأرقام بسبب أهميته، فهو الرقم الأكثر تكراراً في أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهو الرقم الأكثر تكراراً في القرآن (بعد الرقم واحد) وهو الرقم الأكثر تكراراً في الكون. 
الرقم سبعة والحج
نعلم جميعاً أن عبادة الحج تمثل الركن الخامس من أركان الإسلام. في هذه العبادة يطوف المؤمن حول بيت الله الحرام سبعة أشواط. ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط أيضاً. 
وعندما يرمي الجمرات فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد رمى سبع جمرات أيضاً. وقد ورد ذكر هذا الرقم في الآية التي تحدثت عن الحج والعمرة، يقول الله تعالى: ( فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) [البقرة: 2/196]. 
الرقم سبعة في القصة القرآنية
تكرر ذكر الرقم سبعة في القَصَص القرآني، فهذا نبَِيُّ الله نوح عليه السلام يدعو قومه للتفكر في خالق السماوات السبع فيقول لهم: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً) [نوح: 71/15].  
أما سيدنا يوسف عليه السلام فقد فسَّر رؤيا الملك القائمة على هذا الرقم، وقد تكرر ذكر هذا الرقم في سياق سورة يوسف مرات عديدة. يقول تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) [يوسف: 12/43].
 وقال تعالى: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ) [يوسف: 12/46ـ48]. 
وقد ورد ذكر الرقم سبعة في عذاب قوم سيدنا هود الذي أرسله الله إلى قبيلة عاد فأرسل عليهم الله الريح العاتية، يقول تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحافة: 69/6 – 7].    
وفي قصة سيدنا موسى عليه السلام وورد ذكر الرقم سبعين وهومن مضاعفات الرقم سبعة، يقول تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا ) [الأعراف: 7/155]. 
وقد ورد هذا الرقم في قصة أصحاب الكهف، يقول عزَّ وجلَّ: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ) [الكهف: 18/22].
إذن هناك علاقة بين تكرار القصة القرآنية والرقم سبعة. والذي يتابع تاريخ الشعوب القديم يلاحظ بأن الرقم سبعة يتكرر كثيراً، خصوصاً في تاريخ الفراعنة بمصر القديمة.
الرقم سبعة ويوم القيامة
هذا في الدنيا فماذا عن الآخرة؟ وهل هنالك تكرار لهذا لرقم يوم القيامة؟ لا يقتصر ذكر الرقم سبعة على الحياة الدنيا، بل إننا نجد له حضوراً في الآخرة. إن كلمة (القيامة) تكررت في القرآن الكريم سبعين مرة أي عدداً من مضاعفات السبعة، فالعدد سبعين هو حاصل ضرب سبعة في عشرة:  
70 = 7 × 10
وكلمة (جهنَّم) تكررت في القرآن كله سبعاً وسبعين مرة، أي عدداً من مضاعفات السبعة: 
77 = 7 × 11
وعن أبواب جهنم السبعة يقول سبحانه وتعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ) [الحجر: 15/44].
أما عن عذاب الله في ذلك اليوم فنجد حضوراً لمضاعفات الرقم سبعة، يقول عزَّ وجلَّ: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ) [الحاقة: 69/30 - 32]. 
ولا ننسى بأن الله تعالى قد ذكر الرقم سبعة عند الحديث عن كلماته: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [لقمان: 31/27]. 
الرقم سبعة والصدقات
ورد ذكر هذا الرقم في مضاعفة الأجر من الله تعالى لمن أنفق أمواله في سبيل الله.يقول تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 2/261].   
ورد ذكر الرقم (سبعين) وهو من مضاعفات السبعة في سورة التوبة في استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 9/80].    
الرقم سبعة والتسبيح
وفي القرآن الكريم سبع سور بدأت بالتسبيح لله تعالى، وهي: (الإسراء ـ الحديد ـ الحشر ـ الصف ـ الجمعة ـ التغابن ـ الأعلى):
1ـ (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الإسراء: 17/1].
2ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحديد: 57/1].
3ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر: 59/1].
4ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الصف: 61/1].
5ـ (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجمعة: 62/1].
6ـ (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التغابن: 64/1].
7ـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى: 87/1].
إذن هنالك علاقة بين تسبيح الله والرقم سبعة، ولذلك فقد ارتبط هذا الرقم مع ذكر التسبيح وذكر السماوات في قوله تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ) [الإسراء: 17/44].
الرقم سبعة وحروف القرآن
لقد اقتضت حكمة البارئ سبحانه وتعالى أن يُنَزِّل هذا القرآن باللغة العربية، وجعل عدد حروف هذه اللغة ثمانية وعشرين حرفاً، أي:
28 = 7 × 4
ونجد في أول سورة من القرآن هذا الرقم في آيات سورة الفاتحة التي افتتح الله تعالى بها هذا القرآن وجعلها سبع آيات. وقد خاطب الله سبحانه وتعالى سيدنا محمداً عليه الصلاة والسلام فقال له: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) [الحجر: 15/87]. 
والسبع المثاني هي سورة الفاتحة وهي أعظم سورة في القرآن الكريم وهي سبع آيات، وعدد الحروف الأبجدية التي تركبت منها هذه السورة هو 21 حرفاً أي عدداً من مضاعفات الرقم سبعة.
في القرآن الكريم هنالك سور مميزة ميزها الله تعالى عن غيرها فوضع في أوائلها حروفاً مميزة مثل: (الـم ـ الر ـ حم ـ يس ـ ق.....). إن عدد هذه الافتتاحيات المميزة عدا المكرر أربعة عشر، أي من مضاعفات السبعة. وإذا أحصينا الحروف التي تركبت منها هذه الافتتاحيات عدا المكرر، أي عددنا الحروف الأبجدية التي تركبت منها الافتتاحيات المميزة الأربعة عشر، وجدنا أيضاً أربعة عشر حرفاً. 
هذه الحروف موجودة كلها في سورة الفاتحة. وإذا عددنا الحروف المميزة في سورة السبع المثاني عدا المكرر نجد 14 حرفاً، وإذا عددنا  هذه الحروف مع المكرر نجد 119 حرفاً، وهذا العدد من مضاعفات السبعة. 
خَلْقُ السَّماوات
هنالك عبارات تتحدث عن خلق السماوات والأرض في ستة أيام، فلو بحثنا في كتاب الله تعالى عن هذه الحقيقة، أي حقيقة خلق السماوات والأرض في ستة أيام نجدها تتكرر في سبع آيات بالضبط وهي:
1ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 7/54].
2ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) [يونس: 10/3].
3ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) [هود: 11/7].
4ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان: 25/59].
5ـ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ) [السجدة: 32/4].
6ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) [ق: 50/38].
7ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 57/4].
حقيقة السَّماوات السبع
ولو بحثنا في كتاب الله تعالى عن حقيقة السماوات السبع نجد أن الرقم سبعة ارتبط بالسماوات السبع بالتمام والكمال سبع مرات وذلك في القرآن كلِّه. وهذه هي الآيات السبع:
1ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 2/29].
2ـ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 17/44].
3ـ (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [المؤمنون: 23/86].
4ـ (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 41/12].
5ـ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 65/12].
6ـ (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ) [الملك: 67/3].
7ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً) [نوح: 71/15].
إذن عدد السماوات التي خلقها الله سبعاً وجاء ذكرها في القرآن الكريم سبعاً فتأمل هذا التناسق، هل جاء بالمصادفة؟!
الرقم سبعة (أول مرة وآخر مرة)
لقد ورد ذكر الرقم سبعة في القرآن الكريم لأول مرة في سورة البقرة في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 2/29]. وآخر مرة ورد ذكر هذا الرقم في القرآن في سورة النبأ من قوله تعالى: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً) [النبأ: 78/12].
والآن إلى الحقائق السباعية التالية حول هاتين الآيتين: 
الحقيقة الأولى
عدد السور من سورة البقرة حيث ورد الرقم سبعة لأول مرة وحتى سورة النبأ حيث ورد الرقم سبعة لآخر مرة هو 77 سورة:
77 = 7 × 11
إن عدد الآيات من الآية الأولى حيث ورد الرقم 7 أول مرة وحتى الآية الأخيرة حيث ورد الرقم سبعة لآخر مرة، أي من الآية [29 البقرة] وحتى الآية [12 النبأ] هو 5649 آية، من مضاعفات السبعة أيضاً: 
5649 = 7 × 807
الحقيقة الثانية
من بداية سورة البقرة وحتى نهاية سورة النبأ يوجد بالضبط 5705 آية وهذا العدد من مضاعفات السبعة أيضاً: 
5705 = 7 × 815
إذن عدد السور جاء من مضاعفات السبعة، وعدد الآيات جاء من مضاعفات السبعة أيضاً، والحديث في الآيتين عن الرقم سبعة!!! 
الحقيقة الثالثة
إن عدد الآيات التي تسبق الآية الأولى حيث ذكر الرقم سبعة لأول مرة يساوي 35 آية من مضاعفات السبعة. كذلك عدد الآيات التي تسبق الآية الأخيرة هو 5684 آية، وهذا العدد من مضاعفات السبعة لمرتين! 

الحقيقة الرابعة
إن عدد الآيات من بداية سورة البقرة وحتى الآية التي تسبق الآية الأولى حيث ورد الرقم سبعة لأول مرة هو 28 آية أي: 
28 = 7 × 4
أما آخر مرة ورد هذا الرقم كما رأينا في سورة النبأ، يوجد بعد هذه الآية لنهاية سورة النبأ 28 آية بالضبط أي 7 × 4. 
الحقيقة الخامسة
ما هو عدد الآيات من بداية القرآن وحتى نهاية سورة النبأ؟ يوجد من بداية القرآن وحتى نهاية سورة النبأ حيث ذكر الرقم سبعة آخر مرة، عدد الآيات هو 5712 وهذا العدد من مضاعفات السبعة: 
5712 = 7 × 816
كما تجدر الإشارة إلى أن عدد حروف كلمة (البقرة) هو 6 حروف وعدد حروف كلمة (النبأ) هو 5 حروف وبصفِّ هذين الرقمين يتشكل العدد 56 من مضاعفات السبعة: 
56 = 7 × 8
نلخص هذه الحقائق المذهلة:
الرقم 7 أول مرة............ الرقم 7 آخر مرة
عدد السور من السورة الأولى وحتى الأخيرة من مضاعفات الرقم 7
عدد الآيات من الآية الأولى وحتى الأخيرة من مضاعفات الرقم 7
عدد الآيات من بداية القرآن وحتى أول آية من مضاعفات الرقم 7
عدد الآيات من بداية القرآن وحتى آخر آية من مضاعفات الرقم 7
عدد الآيات من بداية السورة الأولى وحتى أول آية من مضاعفات 7
عدد الآيات من بداية السورة الأولى لنهاية الأخيرة من مضاعفات 7
وتأمل عزيزي القارئ: هل جاءت جميع التوافقات هذه مع الرقم سبعة بالمصادفة العمياء؟ وهذا الإحكام نراه في كلمة من كلمات القرآن، فكيف بنا لو أردنا أن نتدبَّر  كلمات القرآن بكامله؟
هل هذه مصـادفات؟!
المنطق العلمي يفرض بأن المصادفة لا يمكن أن تتكرر دائماً في كتاب واحد  إلا إذا كان مؤلِّف هذا الكتاب قد رتّب كتابه بطريقة محددة. والتناسقات التي سنراها الآن مع الرقم سبعة تدل دلالة قاطعة على أن الله تبارك وتعالى قد رتّب كتابه بشكل يناسب هذا الرقم، ليدلنا على أن هذا القرآن مُنزّل من خالق السماوات السبع سبحانه وتعالى.
وللرقم سبعة حضور في حياتنا وعباداتنا بشكل يضع هذا الرقم على قمة الأرقام بعد الرقم واحد الذي يعبِّر عن وحدانية الله تعالى، فهو الواحد الأحد. وقد نعجب إذا علمنا بأن الرقم 1 هو الرقم الأكثر تكراراً في القرآن ويأتي بعده مباشرة الرقم 7.
أجمل كلمة...
إنها كلمة (اللــه).... جلَّ جلاله! رتّبها ربّ العزة سبحانه في كتابه بشكل مُحكَم يقوم على الرقم سبعة أيضاً، كدليل على أنه ربّ السماوات السبع.
فلوبحثنا عن أول آية ذُكر فيها اسم (الله) جلّ وعلا نجدها في أول آية من القرآن وهي: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1/1]، أما آخر آية ذُكر فيها هذا الاسم الكريم فنجدها في قوله تعالى: (اللَّهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص: 112/2].
 وإلى هذه التوافقات مع الرقم سبعة:
عدد السور
إذا عددنا السور من سورة الفاتحة حيث وردت كلمة (الله) أول مرة، وحتى سورة الإخلاص حيث وردت كلمة (الله) لآخر مرة، لوجدنا 112 سورة، وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
112 = 7 × 16
عدد الآيات
ولو عددنا الآيات من الآية الأولى وحتى الأخيرة لوجدنا 6223 آية، وهذا العدد من مضاعفات السبعة أيضاً ولمرتين للتأكيد على صدق هذا النظام المُحكم:
6223 = 7 × 7 × 127
عدد الحروف
ولوقمنا بعدّ حروف هاتين الآيتين مجتمعتين لوجدنا 28 حرفاً: من مضاعفات السبعة!! فعدد حروف: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) هو 19 حرفاً، وعدد حروف: (اللَّهُ الصَّمَدُ) هو 9 أحرف، والمجموع:
19 + 9 = 28 = 7 × 4
عدد حروف اسم (الله)
ولو قمنا بعدّ حروف اسم (الله) في الآيتين أي الألف واللام والهاء لوجدنا 14 حرفاً: من مضاعفات السبعة كذلك!!! 
فعدد حروف الألف اللام والهاء في: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) هو 8 أحرف، وعدد حروف الألف واللام والهاء في: (اللَّهُ الصَّمَدُ) هو 6 أحرف، والمجموع:
8 + 6 = 14 = 7 × 2
والسؤال: هل يمكن للمصادفة أن تصنع مثل هذا النظام المحكم لاسم (الله) في أول آية وآخر آية تتحدث عن الله؟ أم أن الله تعالى بعلمه وحكمته أراد لهذا الكتاب العظيم أن يكون متناسقاً في كل شيء؟
ولو ذهبنا نتتبع دلالات هذا الرقم نكاد لا نحصيها، وسوف نرى تفاصيل هذه المعجزة في الفصول التالية. ويكفي أن نقول: إن وجود معجزة قرآنية تقوم على الرقم 7 هو دليل كبير على أن هذا القرآن هو كلام خالق السماوات السبع سبحانه وتعالى.
ما هو النظام الرقمي؟
كل شيء في هذا الكون يسير بنظام مُحكَم, وأفضل ما يعبّر عن حقيقة هذا النظام هي لغة الأرقام, لذلك استطاع العلم الحديث أن يعبِّر عن حركة الشمس والقمر والمسافات بين المجرات وغيرها باستخدام الأرقام. وهكذا نستطيع أن نعرف اليوم بدقة متناهية متى سيحدث كسوف الشمس مثلاً بعد مئات السنوات! إذاً الشمس والقمر يسبحان في هذا الكون وفق نظام محكم يمكن للغة الأرقام أن تصِفَ هذا النظام سواءً في الماضي أو في المستقبل.
والآن نأتي إلى كلام الله سبحانه وتعالى ونسأل: كيف انتظمت أحرف هذا القرآن؟ إن كلام الله لا يشبه كلام البشر , لذلك لغة الأرقام سوف نستخدمها في هذا البحث لنعبر بها عن دقَّة نَظْم كلمات القرآن لنستنتج أن كل شيء في هذا القرآن يسير بنظام دقيق. إذن:
كلمات القرآن رتّبها الله بنظام رقمي مُعجز ليؤكد لنا أننا إذا تدبرنا هذا القرآن سوف نكتشف أنه كتابٌ مُحكَم , وأننا سوف نجد البراهين الثابتة على أنه لو كان هذا القرآن قولَ بشرٍ لرأينا فيه التناقضات والاختلافات.
بعدما رأينا بعضاً من دلالات الرقم سبعة في الكون والحياة والقرآن يمكن القول: إن الله عزَّ وجلَّ كما نظم الكون على الرقم سبعة، كذلك نظم القرآن على الرقم سبعة، وهذا ما سنجده بالفعل من خلال الفقرات القادمة.
معجزة البنـاء القـرآني
إن الله تعالى الذي بنى السماوات السبع على أسس محكمة, هو الذي بنى القرآن على أنظمة محكمة أساسها الرقم 7 أيضًا. وسوف نكتشف العلاقات الرقمية المذهلة بين سور القرآن وآياته وسنوات نزوله , وترتيب سوره وكلماته , وسوف تتراءى أمامنا عظمة هذا البناء المُحكم لأعظم كتاب على وجه الأرض ـ كتاب الله تعالى.
أول سورة وآخر سورة
أرقام ثابتة في كتاب الله عزَّ وجلَّ لا يمكن لأحدٍ أن ينكرها, فعدد سور القرآن هو114 سورة , أول سورة فيه هي فاتحة الكتاب رقمها 1 , آخر سورة في القرآن هي سورة الناس ورقمها 114. إن هذين العددين يرتبطان مع الرقم 7:
رقم أول سورة                   رقم آخر سورة
1                                  114
فعندما نَصُفُّ هذين العددين: 1 و 114, ينتج عدد جديد هو: 1141 من مضاعفات الرقم 7 ومجموع أرقامه 7: 
1141 = 7 × 163           1+4+1+1=  7
هنالك أرقام تميز كتاب الله الذي بين أيدينا وهي: عدد آياته وعدد سوره وعدد سنوات نزوله. فإذا قمنا بإحصاء عدد آيات القرآن نجدها بالضبط 6236 آية. أما عدد سور القرآن فكما نعلم هو114 سورة، ونعلم أيضاً أنه نزل على 23 سنة.
يجب دائماً أن نتذكر بأن هذه الأرقام موجودة في كتاب الله وليس في كتاب بشر، لذلك هي أرقام خاصة بالله تعالى، لأن البارئ سبحانه وتعالى لا يسمح لأحد من خلقه أن يضيف أو يحذف شيئاً من كتابه إلا بما يشاء هو! لأن الله تعالى يقول:  (لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) [يونس: 10/64]. لذلك سوف نرى الآن أن هذه الأرقام تحقق معادلات رياضية لا يمكن لأحدٍ أن يأتي بمثلها مهما حاول!
إن إعجاز هذه الأرقام يأتي من خلال اجتماعها وصفِّها بترتيب معيَّن الأكبر فالأصغر وبالتالي يكون لدينا ثلاثة احتمالات:
1ـ آيات القرآن 6236 آية مع سور القرآن 114 سورة والعدد الذي يمثل آيات القرآن وسوره هو 6236  114 .
2ـ آيات القرآن 6236 آية مع سنوات نزول القرآن 23 سنة، والعدد الذي يمثل آيات القرآن وسنوات نزوله هو  6236  23 .
3ـ سور القرآن 114 سورة مع سنوات نزوله 23 سنة، والعدد الذي يمثل سور القرآن وسنوات نزوله هو 114  23 .
جميع هذه الأعداد ترتبط مع الرقم 7 بشكل مذهل، ويتكرر النظام ذاته دائماً.
آيات القرآن وسور القرآن
إن العدد الذي يمثل آيات القرآن وسوره هو: 6236 114 يتألف من سبع مراتب. وهذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة:
1146236 = 7 × 163748
كا أن مقلوب أو معكوس هذا العدد الذي يمثل آيات القرآن وسوره أيضاً من مضاعفات الرقم سبعة، وهو6326411:
6326411 = 7 × 903773
كذلك مجموع أرقام العدد الذي يمثل آيات القرآن وسوره هو:
6+3+2+6+4+1+1 = 23
والعدد 23 يمثل عدد سنوات نزول القرآن! والنتيجة هي أن العدد الناتج من ضمّ آيات القرآن وسوره يتألف من سبع مراتب ويقبل القسمة على سبعة هو ومقلوبه، ومجموع أرقامه هو بالضبط سنوات نزول القرآن!
آيات القرآن وسنوات نزول القرآن
العدد الذي يمثل آيات القرآن وسنوات نزول القرآن هو: 6236 23 من مضاعفات الرقم سبعة:
236236 = 7 × 33748
كذلك هنا نجد أن مقلوب أو معكوس العدد الذي يمثل آيات القرآن وسنوات نزوله وهو: 632632 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
632632 = 7 × 90376
إذن العدد ينقسم على سبعة بالاتجاهين هو ومقلوبه. ويستمر هذا النظام ليشمل سور القرآن وسنوات نزوله أيضاً.
سور القرآن وسنوات نزول القرآن
العدد الذي يمثل سور القرآن وسنوات نزول القرآن هو: 23114، هذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة:
23114 = 7 × 3302
ومقلوب العدد الذي يمثل سور القرآن وسنوات نزوله هو: 41132 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
41132 = 7 × 5876
إذن العدد الذي يمثل سور القرآن وسنوات نزول القرآن يقبل القسمة على سبعة هوومقلوبه. وكما نلاحظ جميع الأعداد السابقة جاءت الأكبر فالأصغر دائماً. أي أننا نصف العدد الأكبر على اليمين ثم يليه الرقم الأصغر على يساره. والعجيب فعلاً أن هذه الأعداد الثلاثة جاءت مراتبها متدرجة 7ـ6ـ5، أي:
العدد   1146236   يتألف من  7  مراتب 
العدد   236236     يتألف من  6  مراتب 
العدد   23114        يتألف من  5  مراتب
وبالتالي تكون مراتب هذه الأعداد 7ـ6ـ5 تشكل عدداً هو 567 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
567 = 7 × 81
إن هذا الترابط المذهل مع الرقم 7 لسور القرآن وآياته وسنوات نزوله يدلّ دلالة قطعيَّة أن في القرآن نظامًا رقميًا مُحكمًا , لا يستطيع البشر ولو اجتمعوا أن يأتوا بمثل هذا النظام. 
والآن لندخل إلى كلمات القرآن , لندرك أن كلماته تسير وفق نظام مُحكَم , ويكفي أن نتدبَّر أول كلمة وآخر كلمة في القرآن من حيث الترتيب , ومن حيث النُّزول لندرك شيئًا من هذا النظام.
القرآن مُحـكَم ترتـيبًا ونـزولاً 
كما نعلم جميعًا ترتيب سور القرآن الذي بين أيدينا يختلف عن ترتيب نزول هذه السور, ولكن هل يبقى النظام قائمًا؟   
إن أول كلمة بدأ بها القرآن هي (بسم) في قول الحقّ عزَّ وجلَّ في الآية الأولى من الكتاب: ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1/1], أما آخر كلمة خُتم بها كتاب الله فهي (الناس) , في قوله تعالى: (من الجِنّة والناس) [الناس: 114/6] , وهي آخر آية في القرآن.
أول كلمة وآخر كلمة ترتيباً
والحقيقة الثابتة أن كلمة (بسم) نجدها مكررة في القرآن 22 مرة, وكلمة (الناس) نجدها قد تكررت في كتاب الله 241 مرة. لنكتب هذه الأرقام ونرى النظام السباعي فيها:
أول كلمة في القرآن            آخر كلمة في القرآن
22                              241
عندما نَصُفُّ هذين العددين نحصل على عدد جديد هو 21422 من مضاعفات الرقم سبعة: 
24122 = 7 × 3446
إذن ترتبط أول كلمة وآخر كلمة في القرآن برباط وثيق يعتمد على الرقم 7 ولكن ما هي أول كلمة وآخر كلمة نزولاً؟
أول كلمة وآخر كلمة نزولاً 
إن أول كلمة نزلت من القرآن هي (اقرأ) , في قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) [العلق: 96/1] , وهذا دليل على أن الإسلام هو دين العلم. أما آخر كلمة نزلت فهي (لا يُظْلَمُونَ) في قول الحق تبارك وتعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة: 2/281].
نطبق النظام السابق ذاته, ولكن مع مراعاة تسلسل كلمات القرآن, فكلمة (اقرأ) نجدها في القرآن بعد كلمة (يُظْلَمُونَ) وسرّ هذا التسلسل هو لبقاء النظام الرقمي قائمًا وشاهدًا على قدرة الله تعالى, وأن كل كلمة في هذا القرآن هي من عند الواحد الأحد الذي نظّم كل شيء في القرآن كما نظّم كل شيء في الكون.
كلمة (يُظْلَمُونَ) تكررت في القرآن 15 مرة , والعجيب أنها دائمًا مسبوقة بـ (لا), أي (لا يُظْلَمُونَ) وهذا دليل على أن الإسلام دين العدل , وقد وضع الله تعالى هذه الآية قبل آية (اقرأ) ليدلنا على مدى حرص الحقّ تعالى على العدل , وأن الله لا يظلم الناس شيئًا , فقد حرَّم الظلم على نفسه وجعله محرمًا , لذلك كل كلمة من كلمات القرآن نجدها موضوعة بدقة شديدة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها لغويًا ورقميًا.
إذن أول كلمة نزلت من القرآن هي (اقرأ) وفي هذه الكلمة إشارة إلى العلم، وآخر كلمة نزلت من القرآن هي (لا يُظْلَمُونَ) وفي هذه الكلمة إشارة إلى العدل، ونحن نعلم أن أي حضارة لا تستمر إلا إذا تحقق العلم والعدل فيها، وهذا ما جاء به كتاب الله تعالى!
كلمة (اقرأ) نجدها قد تكررت في القرآن كله 3 مرات. والآن نكتب تكرار هاتين الكلمتين في القرآن حسب تسلسلهما حيث نجد أن آخر كلمة نزلت من القرآن موجودة قبل أول كلمة نزلت من القرآن:
آخر كلمة نزلت من القرآن      أول كلمة نزلت من القرآن
15                                 3
والمذهل أن العدد 315 من مضاعفات الرقم 7: 
315 = 7 × 45
نظام لنواتج القسمة على 7
ليس هذا فحسب بل هنالك علاقة بين هذه الكلمات ترتيبًا ونزولاً, فكما رأينا ناتج القسمة لتكرار أول كلمة وآخر كلمة ترتيبًا هو: 3446 , وناتج القسمة لتكرار أول كلمة وآخر كلمة نزولاً هو: 45 , والعجيب أن هذين العددين كيفما صففناهما نجد عددًا من مضاعفات الرقم 7: 
3446 45 = 7 × 64778
45 3446 = 7 × 49235
وكأن البارئ عزَّ وجلَّ يريد أن يخاطب البشر جميعًا: عندما تدرك أيها الإنسان النظام المحكم الذي تسير وفقه هذه الآيات والسور والكلمات والأحرف, وعندما ترى الحقائق الرقمية وأساسها الرقم 7 , يجب عليك أن تدرك عندها أن هذا النظام مُنَزّل من خالق السماوات والأراضين السبع, وأنّ هذا القرآن هو حقّ من عند الله تعالى, وأن البشر عاجزون عن الإتيان بمثل هذا النظام المُعجز, فهل يخشع قلبك لله تعالى أمام عظمة هذا البناء المُحكَم؟ 
وإنا له لحافظون
إن دراسة آيات القرآن الـ 6236 مهمَّة صعبة وطويلة وتحتاج لمئات الأبحاث العلمية، ولكن يكفي أن ندرك شيئاً من إعجاز الله في آياته من خلال بعض الآيات ذات الدلالة العظيمة مثل آية حفظ القرآن، والتي تعهد فيها الله تعالى بحفظ كتابه الذي سماه بالذكر وقال: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ) [الحجر: 15/9].
وسوف نرى في كل آية من هذه الآيات معجزة رقمية مبهرة، ونؤكد بأن جميع آيات القرآن معجزة من الناحية اللغوية والعلمية والرقمية، وهنالك من وجوه الإعجاز ما لا يعلمه إلا الله تعالى. 
في هذه الآية تناسقات مذهلة مع الرقم سبعة الذي يمثل أساس بناء القرآن الكريم. وسوف نرى توافقات عجيبة وعجيبة جداً مع هذا الرقم، إن هذه الأنظمة الرقمية سوف تختل وتنهار لو تغير حرف واحد في الآية، حتى في طريقة كتابتها.
فمثلاً كلمة (لحافظون) كُتبت في القرآن من دون ألف هكذا (لحفظون)  وهذه الألف لو أُضيفت لاختل البناء الرقمي للآية، فتأمل دقة كلام الله تعالى ودقة كل حرف من حروف كتابه!
قبل أن ندخل في رحاب هذه الآية نود أن نشير إلى أن واو العطف تعتبر كلمة مستقلة عما قبلها وما بعدها في أبحاث الإعجاز الرقمي، وذلك لأنها تكتب بشكل منفصل عما قبلها وما بعدها. 
ارتباط أول كلمة وآخر كلمة
في هذه الآية الكريمة أول كلمة هي (إِنَّا) وآخر كلمة هي (لَحَفِظُونَ) لنكتب عدد حروف كل كلمة:
إِنَّا     نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ      لَحَفِظُونَ
3                                           6
إن العدد الذي يمثل حروف أول كلمة وحروف آخر كلمة هو 63 من مضاعفات الرقم سبعة، فهو يساوي سبعة في تسعة:
63 = 7 × 9
والرقم 9 الناتج هو رقم هذه الآية في القرآن الكريم! فتأمل هذا التوافق مع الرقمين 9 و 7 وجداءهما 63 وهو عمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
توزع أول حرف 
أول حرف في هذه الآية هو الألف وآخر حرف فيها هو النون، وسوف نرى كيف تتوزع الكلمات التي تحتوي على هذين الحرفين بنظام بديع يقوم على الرقم سبعة.
نكتب الآية وتحت كل كلمة رقماً حسب القاعدة التالية:
الرقم  1  للكلمة التي تحوي حرف الألف.
الرقم  0  للكلمة التي لا تحتوي على هذا الحرف.
إِنَّا    نَحْنُ     نَزَّلْنَا   الذِّكْرَ    وَ    إِنَّا    لَهُ    لَحَفِظُونَ
1      0        1        1    0    1      0      0
إن العدد الذي يمثل توزع الكلمات التي تحوي حرف الألف هو: 00101101 من مضاعفات الرقم سبعة:
101101 = 7 × 14443
توزع آخر حرف
ننتقل الآن إلى حرف النون ونكتب الآية من جديد وتحت كل كلمة رقماً حسب القاعدة السابقة ذاتها ولكن مع حرف النون:
الرقم 1 للكلمة التي تحوي حرف النون.
الرقم 0 للكلمة التي لا تحتوي على هذا الحرف.
إِنَّا    نَحْنُ     نَزَّلْنَا   الذِّكْرَ    وَ    إِنَّا    لَهُ    لَحَفِظُونَ
1      1        1     0       0    1    0        1
إن العدد الذي يمثل توزع الكلمات التي تحوي حرف النون هو 10100111 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
10100111 = 7 × 1442873
والنتيجة أن أول حرف في الآية يتوزع على كلمات الآية بنظام يتناسب مع الرقم سبعة، وكذلك آخر حرف في الآية يتوزع على كلمات الآية بنظام يقوم على الرقم سبعة! هل هذه مصادفة؟
حروف الآية
إن عدد أحرف هذه الآية كما رُسمت في القرآن هو 28 حرفاً بعدد الحروف الأبجدية التي هي لغة القرآن وهذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة فهو يساوي 28= 7 × 4. والعجيب حقاً هو الطريقة التي توزعت بها هذه الحروف في كلمات الآية. لنكتب هذه الآية وتحت كل كلمة عدد حروفها:
إِنَّا    نَحْنُ     نَزَّلْنَا   الذِّكْرَ    وَ    إِنَّا    لَهُ    لَحَفِظُونَ
3       3       5       5     1    3      2       6
إن العدد الذي يمثل حروف هذه الآية مصفوفاً هو: 62315533من مضاعفات الرقم سبعة:
62315533 = 7 × 8902219
وسبحان الله... آية تتحدث عن حفظ القرآن، ويأتي مجموع حروفها 28 مساوياً لعدد حروف الهجاء في القرآن والذي هو من مضاعفات السبعة، ويأتي مصفوف حروفها متناسباً مع الرقم سبعة!!! فهل هذه مصادفة؟
في هذه الآية ارتباط مذهل مع أول آية من كتاب الله تعالى، وإلى بعض هذه التوافقات مع الرقم سبعة.
ارتباط مع أول آية من القرآن
سوف نرى ترتيباً مذهلاً لأرقام وكلمات هذه الآية وكيف ترتبط بشكل سباعي مع أول آية: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1/1].
ارتباط أرقام الآيتين
 يرتبط رقم أول آية في القرآن وهو 1 مع رقم هذه الآية 9:

أول آية من القرآن       آية حفظ القرآن
رقمها   1               رقمها    9
إذا قمنا بصفّ هذين الرقمين فسوف نحصل على الرقم 91 من مضاعفات السبعة:
91 = 7 × 13
ارتباط الكلمات 
عدد كلمات آية البسملة 4 وعدد كلمات آية حفظ القرآن هو 8:
أول آية من القرآن       آية حفظ القرآن
كلماتها  4              كلماتها   8
والعدد الناتج من صفّ هذين الرقمين والذي يمثل كلمات أول آية من القرآن وكلمات آية حفظ القرآن هو 84  ةهذا العدد من مضاعفات الرقم السبعة:
84 = 7 × 12
ارتباط رقم السورة ورقم الآية
رقم سورة الفاتحة هو 1 ورقم البسملة فيها 1 أيضاً، ورقم سورة الحِجر حيث وردت آية حفظ القرآن هو 15 ورقم الآية 9:
أول آية من القرآن                  آية حفظ القرآن
رقم السورة   رقم الآية          رقم السورة    رقم الآية
1               1                 15           9
لدى صفّ هذه الأرقام يتشكل لدينا عدد من مضاعفات السبعة: 
91511 = 7 × 13073
ارتباط مع آيات القرآن
 عدد آيات القرآن الكريم 6236 آية ورقم هذه الآية 9 ، لنكتب هذين الرقمين:

عدد آيات القرآن       رقم آية حفظ القرآن
6236                     9
وعند صف الرقمين يتشكل العدد 96236 من مضاعفات السبعة مرتين: 
96236 = 7 × 7 × 1964
والهدف من القسمة على سبعة مرتين هو للتأكيد من الله تعالى على حفظ كتابه المجيد.ولكي نبعد أي احتمال للمصادفة ندرس التناسب مع سور القرآن، إذ أن المصادفة لا يمكن أن تتكرر بتمامها مع آيات القرآن ثم مع سور القرآن ويأتي العدد متناسباً مع العدد سبعة مرتين.
ارتباط مع سور القرآن
فعدد سور القرآن الكريم هو 114 ورقم هذه الآية هو 9:
عدد سور القرآن            رقم آية حفظ القرآن
114                         9
وبصفّ الرقمين نجد العدد 9114 من مضاعفات السبعة مرتين أيضاً: 
9114 = 7 × 7 × 186
وتأمل معي كيف جاءت الأعداد لتقبل القسمة على سبعة مرتين متتاليتين  وهكذا لو تغير رقم هذه الآية أو عدد السور أو الآيات لانهار هذا النظام الرقمي بالكامل، وهذا دليل على أن ترقيم آيات القرآن هو أمر إلهي لا يجوز المساس به ولا يجوز تغييره.
 إن هذه المعادلات تدل على أن الله تعالى قد اختار لهذه الآية الرقم 9 ليدلنا على أنه قد حفظ كل سورة وكل آية في القرآن، لذلك جاء رقم الآية مع آيات القرآن وسـوره متناسباً مع الرقم!
مع الحروف المميزة
الحروف المميزة في القرآن 14 حرفاً وهي في أوائل بعض السور، والعجيب أن هذه الآية تحتوي على نصف هذا العدد أي سبعة أحرف مميزة وهي: (ا، ن، ح، ل، ك، ر، هـ). العجيب أن هذه الحروف السبعة تتوزع بشكل يقوم على الرقم سبعة.
توزع الكلمات المميزة في الآية
في هذه الآية سبع كلمات تحتوي على أحرف مميزة، لنكتب الآية وتحت كل كلمة رقماً حسب القاعدة الآتية:
الرقم 1 للكلمة التي تحوي حروفاً مميزة.
الرقم 0 للكلمة التي لا تحتوي على هذه الحروف.
إِنَّا    نَحْنُ     نَزَّلْنَا   الذِّكْرَ    وَ    إِنَّا    لَهُ    لَحَفِظُونَ
1       1      1       1      0    1     1       1
إن العدد الذي يمثل توزع الكلمات التي تحوي حروفاً مميزة  في الآية هو: 11101111  وهذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة ومجموع أرقامه هو سبعة:
11101111 = 7 × 1585873
وسبحان الله! آية تتحدث عن حفظ القرآن فيها سبع كلمات مميزة، وتحتوي على سبعة أحرف مميزة، وقد توزعت هذه الكلمات السبع بنظام يقوم على الرقم سبعة، وتوزعت الحروف المميزة السبعة بنظام يقوم على الرقم سبعة، هل هذا العمل بمقدور البشر؟
مزيد من العجائب
عندما نقوم بعد حروف الآية تراكمياً، أي باستمرار نجد عدداً من مضاعفات السبعة أيضاً. لنكتب الآية وتحت كل كلمة عدد حروفها مع ما قبلها:
إِنَّا    نَحْنُ     نَزَّلْنَا    الذِّكْرَ      وَ     إِنَّا       لَهُ     لَحَفِظُونَ
3       6      11     16      17   20     22      28
العدد الذي يمثل حروف الآية تراكمياً هو: 28222017161163، يتألف هذا العدد من 14 مرتبة، أي 7 × 2 ، ومجموع أرقام هذا العدد من مضاعفات السبعة:
3+6+1+1+6+1+7+1+0+2+2+2+8+2= 42=7×6
ومصفوف أرقام هذا العدد من مضاعفات السبعة:
28222017161163 = 7 × 4031716737309
وهكذا رحلة الإعجاز الرقمي في كتاب الله لا نهاية لها، فالقرآن العظيم هو عبارة عن 6236 آية، ويمكن القول وبثقة تامة:
إن كل آية من آياته تشكل بناء معجزاً للبشر، فهو كتاب مُعجز كجملة واحدة، ومعجزٌ بسُوَرِهِ ومُعجز بآياته، ومُعجز بكلماته وحروفه.

السبت، 14 أبريل 2012

وهكذا تكون الفتن حينما تكلم الرسول الاعظم



الحمد لله الذي تفرد بعلم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا من خلقه ، إلا بالقدر الذي تقتضيه حكمته جلّ وعلا ، علم ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة ، وصلّى الله وسلّم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه الذي أخبرنا عن كثير مما أخبره به ربه من علامات الساعة ، وحدوث الفتن في آخر الزمان ، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين .

وبعد : فإن هذه الأمة أمة مرحومة ، وهي خير الأمم ، وإليها بُعث أفضل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، وهذه الأمة هي أكثر أهل الجنة ، ووقوع الفتن فيها قَـدَر أخبر عنه الـمصطفى صلّى الله عليه وسلّم وأنه لا بد واقع { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} الأنفال : 42 .

ويتعين في مستهل هذا المقال أن أورد بعض الأحاديث الصحيحة ؛ لأنطلق منها إلى ساحة الحديث عن هذا الموضوع ، مبتدئًا بحديث حذيفة بن اليمـان رضي الله عنه ، وهو من أصح أحاديث الفتن .

أخرج الـبـخاريّ في كتاب الفتن من صحيحه حديث حذيفة رضي الله عنه برقم (7084) قـال :

كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْـخَـيْـرِ ، وَكُنتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ ، مَـخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّـةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْـخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْـخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ : (( نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ )) قُلْتُ: وَمَا دَخَنُـهُ؟ قَالَ: (( قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنكِرُ )) قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَـنَا ، قَالَ: (( هُمْ مِن جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )) قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَ كَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) قُلْتُ: فَإِنْ لَــمْ يَكُنْ لَـهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ؟ قَالَ: (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنتَ عَلَى ذَلِكَ)) .

وأخرجه مسلم كذلك في كتاب الإمارة برقم (1847) .

وأخرج مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما وهو قبل الحديث السابق برقم (1844) قال عبدالله بن عمرو : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَـزَلْنَا مَنزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ (1) ، وَمِنَّا مَن يَنْتَضِلُ (2) ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ (3) ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلَاةَ جَامِعَةً (4) ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: (( إِنَّهُ لَمْ يَكُن نَبِيٌّ قَـبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْـهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَــتُهَا فِي أَوَّلِـهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، وَتَجِيءُ فِتْنَـةٌ فَـيُـرَقِّـقُ بَعْضُهَا بَعْـضـًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ مُهْلِكَتِي ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَـجِيءُ الْفِتْنَةُ ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلْيَأْتِ إِلَي النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ )) .

وهناك حديث من أعظم المبشرات بمستقبل الإسلام يفصّل مراحل الحكم في التأريخ الإسلاميّ ، وهو حديث يتفق مع الحديثين السابقين في بعض المعاني الواردة فيهمـا ، وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده برقم (18406) بإسناده عن حذيفة أيضـًا قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَن تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضـًّا ، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيًا ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَن تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ ، ثُمَّ سَكَتَ ))

ومن طريق أحمد : أخرجه العراقيّ في (( محجة القُرَب إلى محبة العرب )) ص (175-176) وقال : هذا حديث صحيح أخرجه أحمد في مسنده .

وأورده الهيثميّ في المجمع (5/188-189) وقال : رجاله ثقات .

ونقل الألبانيّ تصحيحه في (( سلسلة الأحاديث الصحيحة )) (1/34-35) وتعقبه بأن الحديث حسن وحسنه كذلك شعيب الأرنؤوط في تخريجه لأحاديث (( المسند )) (30/356) .

وتحسينهمـا له من أجل حبيب بن سالم الأنصاريّ ، مولى النعمان بن بشير رضي الله عنهمـا ، وكاتبه ، قال عنه ابن حجر في التقريب : ص (189) : لا بأس به .

وفي خضم هذه الأحداث المتلاحقة ، والخطوب المدلهمة ، والفتن العاصفة ، يحسن بنا أن نستلهم من هذه الأحاديث وغيرها من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم بعض البصائر التي نهتدي بها في دياجير هذه الفتن :

1) أن حدوث الفتن في تأريخ هذه الأمة قَـدَر إلـهـيّ - كما سبقت الإشارة إليه - لا بد من وقوعه لِحكَم ندرك شيئًا منها ، ويغيب عنا أكثرها ، والواجب علينا التسليم المطلق لله عز وجل في كل أمر من الأمور ، وأن هذا داخل في عموم الابتلاء الذي كتبه المولى جلّ وعلا على هذه الأمة بصريح قوله تعالى :{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} سورة العنكبوت : 2 . 
2) أن الله تعالى عافى هذه الأمة من هذه الفتن في أولها ، كما جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهمـا ، وستعود إلى عافيتها بعد ظهور المهديّ ، ونزول عيسى عليهمـا السلام ، في آخر الزمان ، كمـا تدل عليه النصوص الثابته ، وفي حديث حذيفة رضي الله عنه عن مراحل الحكم في التاريخ الإسلاميّ إشارة إلى تعافي الأمة بقيام الخلافة الراشدة الثانية ، حيث قال : (( ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَـةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ )) .وقد كثرت النصوص الثابتة الدالة على الحياة الكريمة ، ورغد العيش ، والبركة في الثمار ، في هذه الحِقبة المباركة ؛ حتى إن الفئام من الناس يستظلون تحت قِحْف الرمانة (5) . 
3) أن الملك العاضّ ، يتمثّل - والله أعلم - في عهود الخلافة المتلاحقة بدءًا بالخلافة الأموية ، ومرورًا بالـخلافة العباسية ، وانتهاء بالـخلافة العثمـانـيـة ، فإنها لـم تخل من عسف وظلم ، وإن كان الـحكم فيها إسلامـيًّا في مجمله .ويُستثنى من هذه العهود عهد الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه ، في فترة الحكم الأمويّ والخليفة المتوكّل رحمه الله تعالى في فترة الحكم العباسيّ ، ونور الدين زنكيّ ، وصلاح الدين الأيوبيّ رحـمهمـا الله تعالى بعد ذلك .فإن هؤلاء الخلفاء والملوك هم أعدل الولاة في تاريخ الإسلام بعد عمر بن عبدالعزيز ، وسيرتهم مع رعاياهم كانت سيرة مَرْضِيَّـة كُتِبت فيها التصانيف .وقد فسر الشراح بعض جمل حديث معاذ في الفتن تفسيرًا متنوعًا .فقال عياض : (( المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان ، والمراد بالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن العزيز ، والمراد بالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعده ، فكان فيهم من يتمسك بالسنة والعدل وفيهم من يدعوا إلى البدعة ويعمل بالجور )) (6) .

وقال ابن حجر عقب إيراده كلام عياض : (( والذي يظهر أن المراد بالشر الأول ما أشار إليه من الفتن الأولى ، وبالخير ما وقع من الاجتماع مع عليّ ومعاوية ، وبالدَّخَن ما كان في زمنهمـا من بعض الأمراء كزياد بالعراق ، وخلاف من خالف عليه من الخوارج ، وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم ، وإلى ذلك الإشارة بقوله : (( الْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) يعني ولو جار - إلى أن قال - وكان مثل ذلك كثيرًا في إمارة الحجاج ، ونحوه )) (7) .

وأما الملك الجبريّ فأصدق الأمثلة عليه ما شهدناه ونشهده في عصرنا هذا من انقلابات عسكرية دموية يتسلم أحد العسكر الحكم بعد ذلك بقوة السلاح ، ويسوم شعبه سوء العذاب ، ويكبت حرّياتهم ، ويقضي على مظاهر شرع الله تعالى ، وينهب الثروات ، ويجعل البلاد رهن تصرف أهله وعشيرته ، ويسلطهم على أفراد الشعب وممتلكاتهم كالكلاب المسعورة ، ويمكِّن لأعداء الله وشرعه يعيثون في الأرض فسادًا .

وأبرز الأمثلة على هذا الواقع المرّ حكم القذافيّ في ليبيا ، وحكم ابن عليّ في تونس .

ومع هذا نجد من بعض المغفلين ، وبعض علماء السوء ، وبعض المغرضين المنتفعين من يفتي الجماهير التي خرجت تصرخ في وجوه الطغاة بعد أن قتلوا أولادهم وإخوانهم ، وزَجُّوا بهم في غياهب السجون ، وحاربوهم في أرزاقهم ، وانتهكوا أعراضهم ، نجد من هؤلاء جميهم من يأمرهم بطاعة هؤلاء ؛ لأنهم في نظرهم أولياء أمورهم ، ويجب والصبر على عسفهم وظلمهم ، دون أن يُــقَـيِّـدوا هذه الطاعة بالمعروف ، وإنمـا يطالبونهم بالطاعة المطلقة ، وهذا والله من أعجب العجب ، وياليتهم في المقابل يطالبون هؤلاء الطواغيت بتلبية بعض مطالب الجمـاهير العادلة .

ياللعجب !! هل يعد القذافيّ وليّ أمر المسلمين في بلاده ، وهو الذي جعل كتابه الأخضر مكان القرآن الكريم ، وقد أفتى سماحة الإمام ابن باز رحمه الله تعالى قبل ثلاثين سنة ، ومعه المجامع الفقهية بكفره .

كيف يكون هذا المجرم الأثيم وجاره المشابه له ابن عليّ من أولياء أمور المسلمين ، وهما اللذان استأصلا الشريعة الإسلامية من هذين البلدين ، وأعلنا فيهما الكفر البواح ، واستُـبِـيـحت فيهمـا الأعراض ، وقُتِلَ فيهما عشرات الألوف لا لشيء إلا أنهم أنكروا عليهم العسف والظلم ، ومحاربة شرع الله تعالى .

 

وقد يفهم بعض من لا علم له من قول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم : (( ثُمَّ تَكُونُ مُلْكـًا جَبْرِيًّا )) أن الملك محصور في النظام الملكيّ فقط ، وهذا غير صحيح ، فكل من تولى ولاية بلد سواء كان رئيس جمهورية أو ملكًا أو أميرًا أو سلطانًا ، فإن ولايته يُطْلق عليها اسم الملك .

والأنظمة الملكية في مجملها أرحم بشعوبها من الرؤساء الانقلابين ، فملك ليبيا محمد بن إدريس السنوسيّ كان حافظـًا لكتاب الله تعالى ، حريصـًا على نشر تعليمه عن طريق ألوف الزوايا في المدن الليبية وقراها ، وكان محبوبـًا من شعبه ، وقد اختاره هذا الشعب وبايعه ، فانقلب عليه القذافيّ وحوّل ليبيا إلى جحيم لا يطاق وعاش الملك السنوسيّ في المنفى ، وحين مات دفن في البقيع تنفيذًا لوصيته بذلك ، رحمه الله تعالى .

وقارن بين النظام الملكيّ في العراق وبين النظام الجمهوريّ الذي جرّ على البلاد الويلات والمصائب والكوارث إلى وقـتـنا هذا . 
وليس النظام الملكيّ مبرءًا من العسف والظلم ، ولكن الأمر نسبيّ ، ومعظم الأنظمة الملكية داخلة في الملك الجبريّ .وإني لأسأل الله تعالى أن نكون في آخر فترة الحكم الجبريّ الذي اصطَـلَت به أكثر بلاد العالم الإسلاميّ { وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (21) سورة يوسف .

إن هذا الحكم الجبريّ ضرب بجرانه على بلاد المسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية حينما ضعفت وت مر عليها الغرب بمختلف مؤسساته ، وشرعوا في تقسيم العالم الإسلام إلى دويلات ليسهل التحكم فيها والسيطرة عليها ، والتحريش بينها .ولقد كان أمير الشعراء أحمد شوقيّ رحمه الله تعالى ملهمـًـا حين قال في آخر مرثيته البديعة لهذه الخلافة (8) :

فَلَتَسـمَـعُـنَّ بِـكُــلِّ أرضٍ داعــيــاًيَدعـو إلــى الـكـذَّابِ أو لسَّـجـاح
ولَتَـشـهَـدُنَّ بِــكُــلِّ أرضٍ فـتـنــةًفيهـا يُـبـاعُ الـدِّيـنُ بـيـع سـمـاحِ
يُفتى على ذَهَبِ المُعِزِّ وسيفِـهِوهَوى النُّفوسِ وحقدها الملحاح

لقد لـخص هذا الشاعر الفحل ما جرى بعد سقوط الحكم العثمانيّ من إقصاء للدين ، ودعوة لتغريب وتمزيق للشعوب إلى دويلات تدين للغرب ، أُذكيت فيها الخلافات والنعرات ، وأصبح لكل حاكم هَتَّافة للتهريج ، وَجَوْقَــة من علماء السوء ، يفتون على مراده ترغيبًا أو ترهيبـًا ، وأصبح هوى النفوس وأحقادها وكيدها هو المهيمن على كل موقف إلا ما رحم الله تعالى . 

4) على الحكام في جميع بلاد المسلمين - وإن كان لا يصل هذا الخطاب إليهم - أن يتصالحوا مع شعبوهم ويرفعوا عنهم الظلم والقهر والاستبداد ، وأهم من ذلك يجب أن يحكموهم بالعدل ، ويشاوروا عقلاءهم يسمعوا منهم .

وليعلم هؤلاء الحكام أن زمن حكم الفرد الذي يقول لشعبه بلسان الحال أو المقال : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى } غافر : 29 ، قد ولى أو كاد ، وكأن أمير الشعراء قد قصد هذا الحقبة بقوله مخاطبًا فرعون مصر الأكبر (( توت خنع آمون )) (9) : 

زمانُ الفردِ يا فرعونُ ولّىودالـتْ دولــةُ المتجبريـنـا
وأصبحت الرعاةُ بكل أرضٍعلى حكمِ الرعيةِ نازلينـا

وليعلم الحكام أن أسلحة جديدة يستعملها خصومهم في المعركة يصعب عليهم استيعابها والسيطرة عليها بل يستحيل ذلك في كثير من الأحيان .

إنها أسلحة الإعلام الجديد ، وفي طليعتها الفضائيات التي كشفت وتكشف كل مستور ، وتعري كل إجرام ، وتفضح ما يحوكه المتآمرون في دهاليز الغدر ، في أسلوب مثير يدعو إلى الدهشة والإعجاب .

وساعد الفضائيات على هذا الزخم الهائل أسلحة الإعلام الأخرى المرتبطة بشبكة المعلومات ((الأنترنت)) مثل الفيسبوك ، واليتيوب ، والتويتر وغيرها .

ولقد أصبح ما تمارسه الأنظمة القمعية من تعتيم على ارتكاب الإبادة والفساد أمرًا مكشوفــًا للقاصي والداني ، وأصبحت الفضائح تلاحق هؤلاء الحكام وزبانيتهم ، ويكاد يشاهدها الناس في كل مكان .

ولقد ألـهـبت هذه الأسلحة غضب الشعوب المقهورة المظلومة ، وأسهمت في توحّد صفوفهم ، وأوصلت كلمـات أهل الرأي والحكمة والعلم إليهم .

لذا يجب على العلماء ألّا يقفوا موقف المتحيِّـز إلى الحكام ، وأن يناصحوهم ، فهم السدّ المنيع الذي يمنع الحاكم من تسلطه على رعيته ، ويظمنون للرعية وصول حقهم إليهم بمشيئة الله تعالى إذا صدقوا واتقوا ربهم .

إن معظم علمـاء اليوم بين متحيِّـز إلى الأنظمة ، وبين مغلوب على أمره ، يلوذ بالصمت ، ولا يملك إلا أضعف الإيمـان ، وما أقلّ الذين ينطقون بالحق ، ويقولون لـهـؤلاء الحكام : اتقوا الله تعالى . 

5) على الشعوب التي تنتفض على الظلم والظالـمين أن تنتبه للمؤامرات العلقميّـة ؛ فابن العلقميّ الرافضيّ الذي اسهم في إسقاط الخلافة العباسية ، يتكرر في غالب الأزمنة والأمكنة :

وتعدّد ابنُ العلقمي فها هناقامتْ علاقمة هناك علاقمه

ومن أبرز العلاقمة : المندسون المتلصِّصون الذين يسرقون الثورات ليتمكنوا من سرقة الثروات ، وإشاعة الفواحش والشهوات ، وتمكين أعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم ؛ ليحتلوا بلاد المسلمين وينهبوا خيراتها ويتحكموا في مفاصلها .

وصمام الأمان من كل ذلك يتحقق في إحياء شعيرة الجهاد في الأمة ، وهو الأمر الذي أجمعت ملل الكفر ولا سيما حكومات الغرب على محاربته ، وسموه إرهابـًا ، وأطلقوا أبواق إعلامهم تردد هذه المفتريات ، وأقنعوا أذنابهم من حكام العالم الإسلاميّ بهذا المكر الكُبـَّار ، واستغل هؤلاء الأذناب التصرف الأرعن الصادر عن بعض الغلاة الذين يرتكبون حوادث التفجير والتدمير في بلاد المسلمين ، فاندفعت آلة إعلامهم تُردِّد هذا المصطلح حتى كاد الصُّمّ أن يستغيثوا من هذا التكرار السَّمِـج .

وفي المقابل نجد كثيرًا من المعنيـّيـن بإصلاح الأمة والدفاع عن حياضها يتحرّجون من إطلاق مصطلح (( الجهاد )) ويستبدلونه بلفظ (( المقاومة )) حتى لا يُـتَّـهَموا بالإرهاب ، وهذا ولا ريب انهزام نفسيّ!

إن مصطلح الجهاد أمر أَبْدَأَ الله فيه وأعاد في كتابه الكريم ، وفي سنة نبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم مئات الأحاديث في فضله ، وأنه ذُرْوة سنام الإسلام ، وما تركه قوم إلا ذلّوا ، ولا حماية لبيضة الإسلام وديار المسلمين إلا به ، كل ذلك وردت فيه الأحاديث الصحيحة الصريحة في الصحيحين وغيرهما ، بل أُلِّفت في الجهاد وأحكامه الكتب الكبيرة والأسفار المتعددة ، ومثل هذا المقال القصير يضيق عن إيراد شيء منها .

إن ما يجري في ليبيا الآن ليس ثورة شعبية ، إنما هو جهاد في سبيل الله بحقّ ، بين شعب مظلوم ونظام عُـبيديّ باطنيّ كافر ، وإننا لنفرح كثيرًا حين نرى هؤلاء المجاهدين يسجدون في الطرقات شكرًا لله على نصره لهم ، ولا تسمع مع زخَّات الرصاص وهدير المدافع والرشاشات إلا صيحات التكبير ، ويحملون المصاحف ويصلون في الميادين المكشوفة.

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذىحتـى يـراق عـلـى جوانـبـه الــدم
***
جــدر الـمـذلـة لـــن تـــدكَّـبـغـيـر زخــــات الــرصــاص
وبـغـيـر نـضــخ الـــدم لــــنيُمحَى الهوان عن النواصي

إن هؤلاء المجاهدين هم أحفاد المجاهد البطل (( عمر المختار )) الذي مكث أكثر من عشرين سنة يجاهد الغزاة الطليان ، ولَطَالما كبَّدهم الهزائم الـمتـتالية ، ولم ينالوا منه إلا بالطرق الغادرة ، ونحسب أنه لقي ربه شهيدًا ، وهو يقول ثابتًا كالطود بكل شموخ وعزة وإباء : (( نحن لا نستسلم ، نـنـتصر أو نموت )) .

إن هؤلاء الأحفاد يستلهمون من سيرته جهادهم ضد هذا الأهوج الغاشم الظالم ، المنتهك لكل الحرمات والذي لم يبق له إلا أبناؤه والمـأجورون من فلول أنصاره والمرتزقه من أصحاب الذمه الـخَرِبة ، الذين استقطبهم لقتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال .

وهذا ليس غريبـًا على رجل أمه يهوديه (10) - كمـا ذكرت ذلك صحيفة النهار البيروتية في أول أسبوع من ثورة الفاتح كمـا سماها - وهو يدعو إلى إعادة الحكم العبيديّ الباطنيّ .

وكأني بأمير الشعراء الـملهم يخاطب هـؤلاء المجاهدين الأشاوش في مرثيته لأستاذهم الـمجاهد العملاق عمر المختار رحمه الله تعالى بقوله (11) :

يا أَيُّهَا الشعـبُ القريـبُ, أَسامـعٌفأَصـوغَ فـي عُمَـرَ الشَّهِيـدِ رِثــاءَ
أَم أَلْجَمَتْ فاكَ الخُطوبُ وحَرَّمـتأُذنَـيْـكَ حـيـنَ تُخـاطِـبُ الإِصْـغــاءَ
ذهـب الزعيـمُ وأَنـتَ بـاقٍ خـالـدٌفانقُـد رِجـالَـك, واخْـتَـرِ الزُّعَـمـاءَ
وأَرِحْ شيوخَكَ من تكاليفِ الوَغَىواحْـمِـلْ عـلـى فِتْيـانِـكَ الأَعْـبـاءَ

إن إخواننا الفتية المجاهدين في ليبيا الآن ينقدون رجالهم ، ويختارون زعماءهم لحسم المعركة مع هذا السفاح المهلوس وجنده ، فيا أيـها المجاهدون الصامدون في ليبيا : اثبتوا واصمدوا ، والجأوا إلى الله متضرعين أن ينصركم ، وأكثروا من الدعاء والاستغفار ، ومن كان قادرًا على الصدقة فليتصدق ، واصدقوا مع الله ينصركم ، ولن تنتصر شرذمة لا تعرف الله ولا تخشاه على شعب يؤمن بالله وفيه أكثر من مليون حافظ لكتاب الله تعالى ، وتذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته في معركة الخندق لم ينتصروا حتى بلغت القلوب الحناجر ، فكيف بنا نحن فـ {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران :200 

* ماذا يجب على إخواننا في تونس ، ومصر ، وليـبـيـا أن يفعلوه ؟

إن على إخواننا في تونس ، ومصر ، وليبيا أن يتنبهوا لأعداء الإسلام المتربصين بهذه الدول الثلاث وغيرها لأن هؤلاء الأعداء يحاولون النفوذ إلى هذه البلاد عن طريق العلاقمة المتآمرين في الداخل .

وقد حذر الداعية الإسلاميّ المعروف ، والمفكر الشهير الشيخ : غازي التوبة (12) من ثلاث قوى تحاول اختراق هذه الدول والمكر بشعوبها ، وهذه القوى هي : الولايات المتحدة ، وإسرائيل ، وإيران .

أما أميركا فميزانها هو المصالح ، وفي سبيل تحقيق مصالحها تدغدغ الشعوب بالنظام الديمقراطيّ والديمقراطية التي تريدها أميركا للشعوب الإسلامية هي الديمقراطية المرتبطة بالفرد الذي تختاره ليحقق لها مصالحها مثل كرازاي في أفغانستان ، وتشغل العالم الإسلاميّ بإشعال الفتن عن طريق ما تسميه (( الفوضى الخلّاقة )) وبشرت العالم الإسلاميّ بــ (( شرق أوسط كبير )) ثم بــ (( شرق أوسط جديد )) ورأينا أثر هذا التبشير في العراق وأفغانستان وغيرهما .

أما إسرائيل : فهي أكثر اهتمـامًا من أميركا بالتخطيط لتفتيت دول المنطقة ، وتغلغلها في مفاصلها ، ومنذ أن حطت في الأرض المباركة فلسطين ولوثـتها ، وهي ترسم الخطط لتمزيق دول منطقتنا إلى دويلات يسهل التحكم فيها ، وإحداث الصراعات بينهـا .

وقد نصت وثائقها التي ذكرها الأستاذ غازي التوبة على إيجاد دولة للعلويـين في سوريا ، وأخرى للدروز في جبل العرب ، ودولة للمسيحيـين في لبنان ، وإيجاد دولتين للمسلمين والأقباط في مصر ، وتقسيم السودان إلى دولتين ، وقد نجحت في فصل الجنوب وإقامة دولة عليه للنصارى ، وتفكر في تجزئة دول المغرب العربيّ والخليج وغيرها .

وأما إيران : فإن مطامع الروافض الصفويين في العالم الإسلاميّ لا تقف عند حد ، فلهم خطة خمسينـيّــة يهدفون من وراء تنفيذها إلى الاستيلاء على العالم العربيّ ابتداء بإقامة ما يسمونه دولة الهلال الشيعيّ ، التي تبدأ من اليمن ، مرورًا بدول الخليج العربيّ ، والعراق ، والأردن ، ولبنان إلى سوريا ، ولهم خطط ترمي إلى تحريك بؤر التجمعات الشيعية في جميع أنحاء العالم ، وإدخال التشيع إلى البلدان التي لا وجود له فيها كمصر وبعض دول المغرب العربيّ ، وهو ما يطلقون عليه (( تصدير الثورة )) .

ويجب على إخواننا أهل السنة ألا ينزلقوا إلى الدعوات لمظاهرات يدعو إليها الرافضة في بلادنا ، تحت شعارات رافضية تنال من مقام الصحابة رضي الله عنهم ، مثل الدعوة إلى (( يوم حنين )) زعمـًا منهم أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فَرَّا في غزوة حنين ، ولم يبق معه إلا عليّ رضي الله عنه ، وهذا من قبيح جرأتهم على الكذب والوقاحة ، والرد على مثل هذا لا تحتمله مساحة هذا المقال .

وليتنبه إخواننا في هذه الدول التي أسقطت الطواغيت لهذه المشاريع الخبيثة التي يحوكها اليهود والنصارى وألّا يسمحوا لتدخلاتهم فدول الغرب تغازل الثوار ، وفرنسا تبادر للاعتراف ، وأميركا وأوربا تطالب القذافيّ بالرحيل ، ونسمع كل يوم جديداً ، والتآمر في الداخل والخارج تدور رحاه ، والله أعلم بخفايا الأمور وبواطنها .

* العبرة من مصارع الظالمين .

كل من بارز الله تعالى بالحرب وأمعن في ظلم عباده ؛ فإن نهايته مخزية ، وأخذه له أليم شديد مهمـا طالت مدته ، واغتر بإمهال الله له .

ولقد حدثنا الله تعالى عن مصارع الظالمين بدءًا بفرعون وقارون وهامان وغيرهم ، وانتهاء بالفراعنة المستبدين في عصرنا ، والذين حكموا الشعوب المسلمة بالحديد والنار .

أين جمال عبدالناصر ، وأين شاه إيران الذي كان يسمي نفسه (( شاهٍ شاه )) أي ملك الملوك ، وأين صدام حسين وأين ابن عليّ وحسني وغيرهم ؟

لقد كان هؤلاء يأمرون فلا يُردّ لهم أمر ، ولا يعترض أحد على أي : فعل يفعلونه ، وكل ما يصدر عنهم محفوف بالقداسة والعصمة ، وتُسخّر آلة الإعلام لتمجيدهم صباح مساء ، وتملأ تماثيل صورهم كل شارع ويتزاحم الزائرون بمختلف طبقاتهم على أبواب قصورهم .

وبين عشية وضحاها ، أصبح هؤلاء المتجبرون الـمتألِّـهون مطاردين ، يُـشتمون بكل لسان ، ويمتنع أسيادهم في الغرب من استقبالـهم ، وتصدر الأوامر بتجميد أرصدتهم ، وتُصادر ممتلكاتهم الهائلة ، ويُـزجّ بالـمتنفّذين من أقاربهم ووزرائهم في المعتقلات ، أو تفرض عليهم الإقامة الجبرية ويمنعون من السفر .

ومن عجائب قدر الله أن تجد أسماءهم مخالفة لأفعالهم مخالفة شنيعة ، فمن زين العابدين إلى حسني مبارك فلا زين ، ولا حسن ، ولا بركة ، وإنما النقيض تمامًا ، وانظر إلى أسماء زبانيتهم كأحمد نظيف ، وحبيب العادلي فأين النظافة ، وأين العدل عندهما وعند أمثالهمـا ؟

كل هؤلاء وزبانيتهم ذهبوا كما ذهب من قبلهم جمال عبدالناصر ، والسادات ، وشاه إيران الذي كان يلقّب بـ (( الطاووس )) لكبريائه ، وصدام حسين ، وسيلحق بهؤلاء هولاكو ليبيا ونيرونـها الذي بلغ جنون العظمة عنده مبلغًا لم يحصل لبشر فيما نعلم إلا لفرعون.

ويــل وويـــل لأعـــداء الـبــلاد إذاضجّ السكون وهبّت غضبة الثار !
حقد الشعـوب براكيـن مسممـةوقـودهــا كـــل خــــوان وغــــدار
***
صمت الشعوب على الطغاة وبغيهمصمت الصواعق فـي بطـون سحـاب

إن في كتاب الله تعالى مئات الآيات ، ذكر فيها سبحانه عقوبة الظالمين وعاقبتهم البئيسة في الدنيا ، وما أعد لهم من عذاب أليم مقيم في الآخرة .

والله عز وجل قطع دابر أقوام في الدنيا لا يعلمهم إلا الله ، طغوا وبغوا وظلموا وتجبروا {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}الآيتان (44-45) سورة الأنعام .

وفي آيات كثيرة أخبرنا الله عما أعده لهم في الآخرة من عذاب عظيم ، كما في قوله تعالى : {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} الكهف : 29 .

وقال تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} مريم : (71-72) .

ونبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن ليل الظالمين لا بد أن ينتهي مهما طال ، وأن الله يمهل ولا يهمل : (( إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ )) (13) ثم قرأ : {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} هود : 102 .

ورحم الله الإمام الشافعيّ ورضي عنه إذ يقول (14) : 

إذا ظالم يستحسن الظلـم مذهبـاولــجّ عـتـواً فــي قبـيـح اكتـسـابـهِ
فكِلْـهُ إلـى صــرف الليـالـي فإنـهـاسترعى له ما لم يكن في حسابهِ
فـكـم قــد رأيـنــا ظـالـمـاً مـتـمـرداًيـرى النجـم تيهـاً تحـت ظـل ركابـهِ
فعـمـا قلـيـلٍ وهــو فـــي غـفـلاتـهأنـاخـت صـــروف الـحـادثـات بـبـابـهِ
فأصـبـح لا مــال ولا جــاه يـرتـجـيولا حسـنـات تلتـقـي فــي كـتـابـهِ
وجـوزي بالأمـر الــذي كــان فـاعـلاًوصََـــبَّ عـلـيـه الله ســـوط عـذابــهِ

* و بـعـــد : فإن تساقط الحكام الظالمين كأوراق الخريف تحت مطارق الثائرين على ظلمهم واستبدادهم وقهرهم وتحول بعض هذه الثورات إلى جهاد في سبيل الله تعالى ؛ كمـا نرى في ليـبـيا ، يؤذن بإذن الله تعالى بـفـجـر جديد إنه فجر التجديد لهذا الدين الذي وعد به من لا ينطق عن الـهوى ، صلوات الله وسلامه عليه حيث قال : (( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا )) .

والحديث أخرجه أبو داود في سننه برقم (4291) ومن طريقه : أبو عمرو الدانيّ في (( السنن الوراردة في الفتن وغوائلها )) برقم (364) .

وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/522) وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

وهو حديث صحيح ، صححه جمع من الحفاظ ، بل نقل السيوطيّ اتفاق الحفاظ على تصحيحه ، وممن صححه ابن حجر والسخاويّ ، وصححه من المعاصرين الألبانيّ في (( سلسلة الأحاديث الصحيحة )) برقم (599) وشعيب الأرنؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود بالرقم السابق ، وعبدالقادر الأرنؤوط في تحقيقة لـ (( جامع الأصول )) (11/320) وانظر تعليق رضاء الله المباركفوريّ على تحقيقه لـ (( السن الواردة )) (3/743-744).

والتجديد على القول الصحيح ليس محصورًا في شخص بعينه ، وإنمـا يقوم به جماعة ، يُـجـدّد كل واحد منهم في فن أو فنون من العلوم الشرعية ، وغيرها ، كما ذكر ذلك الإمام ابن الأثير في (( جامع الأصول )) (11/320) وما بعدها ، والسهانفوريّ في (( بذل المجهود في حَلّ سنن أبي داود )) (12/336-337) .

ومن التجديد الشامل ظهور من تجتمع عليه الكلمة من الولاة إذا أذن الله بقيام الخلافة الراشدة كما دل على ذلك حديث حذيفة الذي تقدم في بداية المقال .
      وان الخلافة الاسلامية ليست الان منا ببعيد فقد اجمع شارحوا الكتاب المقدس من علماء الديانتين اليهودية والنصرانية على ان نهاية القطب الاوحد (امريكا ) سوف تكون فى العام -2025- حسب نصوص التوراة والانجيل الصحيحة والصريحة والتى خبئت فى اعماق ما اسموه بالتلمود  وان الاسلام سوف يترئس العالم كما كان من قبل وهذا كلام اعداء الاسلام.
 أسأل الله تعالى أن ينصر دينه ، وأن يستعملنا في ذلك ، وأن يصلح أحوال الأمة رعاة ورعيّة ، وأن يجنب بلادنا وبلاد المسلمين الشرور والفتن.
                                                                       سامى العقيبى