السبت، 31 يناير 2015

جند الله - وجند الشيطان



بسم الله الرحمن الرحيم
" احسب الناس ان يقولوا أمنا وهم لا يفتنون"
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس"
هكذا تحدث الحق جل وعلا عن كل ما يحدث للامة الاسلامية فى ماضيها وحاضرها ومستقبلها وهو بذلك يعطينا الدرس والقدوة فى قوة الاحتمال والبأس--------- فلا يوجد ايمان بدون فتنة وبلاء وما يمس الامة الان من جراح دامية إلا وقد مس المؤمنون السابقون مثله وهكذا يريد الله ان يهوًن علينا ما نحن فيه من الالم والجراح.
ويا عجبا أن ترى من امة محمد صلى الله عليه وسلم أناس يتسمون بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان وهم يتساقطون فى مستنقع الشيطان دون ارادة منهم فهاهم أنصار بيت المقدس والمسجد الاقصى منهم براء وهاهم الاخوان المسلمون والاسلام منهم براء وها هم تنظيم الدولة الاسلامية والدولة بكل ما فيها منهم براء وتعجب كل العجب حينما تعلم ان عدوا واحدا يتربص بالامة كلها وهاهو قابع خلف رمال سيناء ينتظر اللحظة المناسبة لينقض على الامة كالاسد على فريسته ورغم ذلك لا تطلق جهته رصاصة واحدة  بل الذى يحلون قتله المسلمين من ابناء قواتنا المسلحة الذين هم مرابطون خلف الحدود يذبون عن الوطن ويدافعون عن عرضه وشرفه الم يتسائل الناس يوما لماذا أحلوا قتل ابنائنا ولم يجيزوا قتل اليهود من ابناء قتلة الانبياء؟
والجواب لأنهم تربوا فى احضانهم وهم الذين اغدقوا لهم الهبات والعطايا بل والادهى من ذلك انهم جندوا لهم علماء من ابناء اليهود الذين تلونوا ونافقوا حتى يتسنى لهم التغلغل فى قلب الامة والتأثير على شبابها  ووالله ماهم بمسلمين  ولكنهم جندوا هؤلاء  وأوهموهم بالشهادة الزائفه
ان القران نطق صراحة بمثل هذه الحقائق فى قوله تعالى " وامددناكم بأموال وبنين" فالاغنياء على مستوا العالم بل والمحركين للنظام البنكى فى العالم كله يهود من الدرجة الاولى ولكن بقيت الاولاد  فنحن نجد ان اقل نسبة سكان بين اديان العالم – اليهود- فمن اين جائت الابناء؟ انها بنوة المال الذى يشترى الذمم الخربة والنفوس الضعيفة التى لا تستحى من ان ترى الامة فى مستنقع من الفوضى والخراب من اجل ارضاء سادتهم ومربيهم
ومن هنا وجب على الامة ان تقف لامثال هؤلاء وان تقاتلهم  ولما وقد منع قوما الزكاة فقاتلهم ابو بكر رضى الله عنه ان الدين كل لا يتجزأ فمن قتل يقتل ومن سرق يقطع ومن اراد ان يشيع الفوضى يشرد به
حفظ الله مصر

سامى العقيبى

الجمعة، 30 يناير 2015

مصر بين الماضى والحاضر



مصر بين الماضى والحاضر
                              بشهادة القران والسنة
مصر البلد العربي الإسلامي المشهور، والمعروف لدى القاصي والداني, وقد ورد هذا الاسم البلد على وجه الخصوص في أكثر من موضع في القران الكريم, فقد ذكر هذا البلد في خمسة مواضع متفرقة للقران وهي على النحو الآتي  :

الموضع الأول:-
في الآية السابعة والثمانين (87) من سورة يونس حيث يقول تبارك وتعالى:-
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.

الموضع الثاني:-
في الآية الحادية والعشرين (21) من سورة يوسف حيث يقول تبارك وتعالى :-
{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

الموضع الثالث :-
في الآية التاسعة والتسعين (99) من سورة يوسف حيث يقول تبارك وتعالى :-
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}.

الموضع الرابع :-
في الآية الحادية والخمسين (51) من سورة الزخرف حيث يقول تبارك وتعالى:-
{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ}.
الموضع الخامس –من سورة البقره قوله تعالى

اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ"


مصر في كتب السنة

لقد تناولت كتبُ السيرةِ والتاريخِ؛ الحديثَ عن مصرَ وأوردَت أحاديثَ نبويةً تتكلم عن مصر وعن تاريخ مصر، فالسنة النبوية تحدثت عن أرض مصر الكنانة، وجاءت أحاديث صحيحة تبين فضل مصر وأهلها، وتوصي بأهل مصر خيرا، وتدعو المؤمنين إلى التحفُّظ والتحرز عن أي مكروه نحو مصر وأهلها، حتى ولو كانوا على غير شريعة الإسلام، فقد روى الإمام مسلم رحمه الله حديثين يحملان هذه المعاني، وحينما نقول نحن أهلَ السنة: بأن الحديث رواه الإمام مسلم: يلزمنا الإذعان والتنفيذ والاستسلام، وعدم المجادلة، وإن كان الحديث يتضمن مالا تقبله عقولنا، لأن أهل السنة والجماعة يقولون:-
إنَّ أصحَّ الكتبِ بعد القران الكريم: صحيحُ الإمام البخاري، ويتبعه: صحيحُ الإمام مسلم رحمهم الله .   
      
ونذكر من هذه الأحاديث التي وردت في كتب السيرة والسنة وهي:-
أ‌-    جاء في صحيح مسلم بشرح الإمام النووي في جزء (16) صفحة (74) يقول:- (باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر)، ثم ذكر حديث رقم (2543)، ونصه:-
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ الْمَهْرِىِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا». قَالَ: فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَىْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ؛ يَتَنَازَعَانِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا.
 قال: فمرَّ بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة يتنازعان في موضع لبنة فخرج منها .
وفي =رواية أخرى بسند آخر في= صحيح مسلم بشرح الإمام النووي في جزء (16) صفحة (74) ورد:-
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ عَنْ أَبِى بَصْرَةَ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ؛ وَهِىَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا؛ فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا». أَوْ قَالَ: «ذِمَّةً وَصِهْرًا، فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ؛ فَاخْرُجْ مِنْهَا». قَالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا.
وقد جاء في شرح هذين الحديثين للإمام النووي رحمه الله بيان لبعض الكلمات التي وردت فيهما منها:-
[القيراط: جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرها، وكان أهلُ مصرَ يكثرون من استعماله والتكلم به.
الذمَّة: الحُرمة والحقَّ، بمعنى الذمام.
الرحم: لكون هاجر أم إسماعيل  منهم.
الصهر: لكون مارية أمّ إبراهيم منهم].

=أمّا الروايات التي ذكرت فيها مصر في غير صحيح مسلم فهَاك بعضَها=:
1-                         جاء في كتاب (الفتح الرباني شرح مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيـباني) للشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي في الجزء (23) صفحة (302) قولُه:
الباب السادس فيما ورد في مصر وجهة الغرب، ثم ذكر حديث رقم (681) نصه:-
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال: سمعت حرملة يحدث عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي بصرة عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: («إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضَ مِصْرَ، وَهِىَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا؛ فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً" -أو قَالَ: "ذِمَّةً وَصِهْراً- فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا». قَالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا.([1][3])
2-                         جاء في كتاب كنـز العمال في جزء (11) صفحة (165)، قول المؤلف:-
كتاب الفضائل من قسم الأفعال –الفصل الأول، في معجزاته– إخباره بالغيب، ثم أورد أحاديث منها:- رقم (31764) جزء (11) صفحة (166) نصه:-
«إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِىَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَاسْتوصوا بأهلِها خيرًا؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا». (حم، م – عن أبي ذر).
3-                         وجاء في كتاب كنـز العمال في جزء (14) صفحة (75): حديث رقم (3826) نصه:-
عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيرا
، فذلك الجند خير أجناد الأرض"، فقال له أبو بكر:- ولم يا رسول الله؟ قال: "لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة". (ابن عبد الحكم في فتوح مصر).([2][4])

 4- ورد في كنز العمال في جزء (11) صفحة (166)، حديث رقم (31765) وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين من أهل مصر من (الأقباط)، ونص الحديث:-
"إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة ورحما". (طب – ك عن كعب بن مالك" أي رواه: الطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك.([3][5])

5- جاء في كتاب امتاع الأسماع للمقريزي في جزء (4) صفحة (124) قوله:-
وأما إخباره بمعاونة القبط للمسلمين فكان كما أخبر، ثم ذكر الحديث بسنده عن أم سلمة رضي الله تبارك وتعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله علية وسلم –وقد أوصى عند وفاته- فقال:-
"اللهَ اللهَ في قِبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله".
لقد ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله هذا الحديث ضمن سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (3113) وقال: رواه الطبراني في الكبير صفحة (265) جزء (23).
    
6- جاء في جزء (4) صفحة (125) بكتاب إمتاع الأسماع قوله:-
وخرجه أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم في كتاب (فتوح مصر) من حديث إسماعيل بن عباس، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"استوصوا بالقبط خيرا فإنكم ستجدونهم نعم الأعوان على قتال عدوكم" من حديث ابن وهب .
كما وجاء من طريق أخرى قوله صلى الله عليه وسلم : -
"الله الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله".

7- ورد في كتاب (فتوح البلدان) للبلاذري صفحة (307) قوله:-
عن الشعبي أن عليَّ بن الحسين أو الحسين نفسه كلم معاوية في جزية أهل قرية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر فوضعوا عنهم, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالقبط خيرا.
=قال:= وحدثني عمرو، عن عبد الله بن وهب، عن مالك والليث، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:- "إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما". وقال الليث: كانت أم إسماعيل منهم.

8- جاء في الحديث:- "مصر كنانة الله في أرضه؛ ما طلبها عدو إلا أهلكه الله".
أورد الشيخ الألباني رحمه الله هذا الحديث ضمن (سلسلة الأحاديث الضعيفة) رقم (8880)، وقال: حديث ضعيف لا أصل له، ونسبه إلى كتاب: (المقاصد الحسنة للسخاوي).

9- ويقول الألباني في هذا الحديث: رُوِي هذا الحديث بمعناه في كتاب (فضائل مصر) لأبي محمد الحسن بن الزولاق، ونصه:-
"مصر خزائن الأرض كلها من يردها بسوء قسمة الله"، ويقول الألباني عن الزولاق، ونصه:-
لا أعرف عنه شيئا، وقد ذكر المقريزي هذا الحديث في كتابه: (الخطط)، وعزاه لبعض الكتب الإلهية.


مع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
خواطر ووقفات

ذكرنا الآيات القرآنية التي وردت في قرآننا العزيز؛ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، والتي ورد فيها بلدة مصر الشقيقة، كما أفاد علماء التفسير، وذكرنا أيضا أحاديثَ وقفنا عليها تتحدث عن مصر وأهلها.
هذه الآيات والأحاديث تحتاج إلى تدبُّر وتحليل، لاستنباط الحِكَم والأحكام، والمواعظ والآداب، لعلنا أن ننتبهَ من غفلتنا، ونستيقظَ من نومنتا، ونأخذَ بمنهاج =وصراط= ربنا، ونتمسكَ بسنة ووصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واقتصرت في هذه العُجالة أن أذكر مجموعة من الخواطر والوقفات، استخلصتها من كتب التفاسير والحديث، مستعينا بالله وهي:-

الخاطرة الأولى؛ مع الآيات القرآنية:-
إن الآيات القرآنية التي تحدثت عن بلدة مصر؛ تؤكد بأن هذه البلدةَ قديمةُ النشأة، عريقةُ المنبت، ذات حضارة منذ قبل الإسلام، وتميّز أهل هذه البلدة؛ شعبُها وولاتُها من ملوكٍ وحكامٍ ووزراء: بدماثة الخلق، وحسن الاستقبال والتكريم للوافدين عليهم، منذ عهد سيدنا يوسف عليه السلام, فالمفسرون يقولون عند قوله تعالى: " ... ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" (يوسف(99) الآتي:
روِي أن يعقوب عليه السلام لما دنا من مصر؛ تهيأ يوسف عليه السلام لاستقباله، فكلم يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه، فخرج يوسف عليه السلام والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء، وركب أهل مصر معهما بأجمعهم، يتلقون يعقوب عليه الصلاة والسلام ....
(انظر كتب التفسير منها: (ابن كثير, القرطبي, التفسير الميسر).

وعند قوله تعالى:- "ادخلوا مصر" قال المفسرون: البلد المعروف.
وعند قوله تعالى:- " ... إن شاء الله آمنين ": من جميع ما ينوب، حتى مما فرطتم في حقي وفي حق أخي .. .
ويقول د. أ وهبة الزحيلي حفظه الله في تفسيره (التفسير الميسر) صفحة (69) جزء (13):-
[... وأمر الملك أمراءه وأكابر الناس بالخروج مع يوسف عليه السلام، لتلقي نبي الله يعقوب عليه السلام، فلما دخلوا على يوسف عليه السلام في أبهة سلطانه، بعد أن استقبلهم في الطريق مع جموع غفيرة .... ]
ثم يقول الزحيلي في نفس الجزء صفحة (71):-
[فقه الحياة أو الأحكام:- يفهم من الآيات ما يأتي:-
.....
2- دل قوله تعالى :- "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين". على تأمين الحاكم الداخلين إلى بلاده من قطر آخر، وهو أمان يشمل الأنفس والأهل والأموال.
والمراد بقوله تعالى: "ادخلوا مصر" كما ذكر ابن عباس: أقيموا بها آمنين، سمى الإقامة دخولا لاقتران أحدهما بالآخر ...]
وأقول:- إن الأصوليين يقولون: (شرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يأتي بناسخ بنسخه)، ويوضح هذا القولَ الأصوليون في كتبهم منها: (روضة الناظر) صفحة (39) و(نزهة الخاطر) صفحة(200) جزء (2)، (المستصفى) صفحة (111) جزء (2).
هذا خلقُ ولاةِ مصرَ منذ عهد يعقوب عليه السلام؛ تتعامل مع رعاياها ومع المجتمعات والأمم، وأصحاب الهيئات باحترام وحفاوة وتكريم، منـزلين الناس منازلهم، ويتحملون مسئولية توفير الأمن والاستقرار لزوار أوطانهم، وإن كانوا على غير معتقدهم "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
أليس قوله تعالى: "قال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن  ينفعنا أو نتخذه ولدا ... ":- تأكيدًا على عراقة هذا المجتمع المصري، في تكريمه للناس حتى ولو كانوا بمنزلة العبيد؟!!
أليس ذلك يدل على عنايتهم بتربية أولادهم "... أو نتخذه ولدا" ؟!!
أليس ذلك دليل على بعد نظرهم ورؤيتهم للمستقبل؟!!
عند تفسير هذا الجزء من الآية يذكر غالب المفسرين قولا مأثورا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما يقول فيه: (أفرس الناس ثلاثة: عزيز مصر؛ حين قال لامرأته في يوسف: "أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا"، وابنةُ شعيب؛ حين قالت في موسى: "استأجره"، وأبو بكر في عمر حيث استخلفه.
انظر تفسير القرطبي صفحة (160) جزء (9)، ومختصر تفسير ابن كثير للصابوني صفحة (245) جزء (2)، وتفسير الخطيب الشربيني صفحة (112) جزء (2)، والتفسير الميسر صفحة (233) جزء (12) وغيرها من التفاسير.
فالحقيقة والواقع يؤكدان على أن رجالات مصر عندهم بعد نظر، ورؤية ثاقبة في كثير من القضايا المستقبلية، على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، يمكِّنهم حسُّهم الأمني والمستقبلي من إفشال الكثير من المؤامرات، التي تهدف إلى زعزعة أمن العالم العربي والإسلامي، فيعالج ألئك الرجال مشاكلهم وقضاياهم بحكمة وروَّية، وصبرٍ وثبات، لإغلاق أبواب الشر والفتن، وإفشال الحيل والمؤامرات، ولا يدرك أبعاد الأمور إلا العقلاء، أما القاصرون فلا يرون الأمور إلا من بين أيديهم.

الخاطرة والوقفة الثانية مع الأحاديث النبوية:-
إن علماء الفقه والأصوليين اجتهدوا في حكم أمر النبي صلى الله عليه وسلم، هل هو محمول على الوجوب أم على الندب؟ وعلى الوجهين نقول:-
إن الالتزام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله: عبادة يثاب عليها فاعلها.
فحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (... فاستوصوا بأهلها (مصر) خيرا ...)، معناه واضح جلي، لا يحتاج إلى بيان وتوضيح.
كما وأقول: ما حال من لا يأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم؟
والجواب على هذا القول أو السؤال: آياتٌ وأحاديثُ كثيرةٌ تحذِّر من مغبَّة عدمِ الأخذِ بتوجيهات وتوصيات وأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكتفي بالتذكير بقوله تعالى :- {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 63) ([4][6])
ويقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية (مختصر ابن كثير صفحة (152) جزء (1):
[أي:- لم يتحققوا ويعلموا أنه من حاد الله عز وجل، أي شاقه وحاربه، وخالفه..]
ونؤكد ونقول:-
فحينما نبين فضائل مصر، وما ينبغي للمسلم نحوها؛ ليس لمصلحة دنيوية، وإنما الأمر متعلق بأمر تعبّدي، إنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... استوصوا بأهلها خيرا ..."، والله سبحانه وتعالى يقول: {... ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ...}

الخاطرة والوقفة الثالثة:-
مع قوله صلى الله عليه وسلم : "... فإن لها ذمة ورحما ...." أو قال: ".. ذمة وصهرا ...".
لقد أوضح الإمام النووي رحمه الله معاني هذه الكلمات عند شرحه هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم بقوله:-
[الرحم: لكون هاجر أم إسماعيل منهم.
الصهر: لكون مارية أم إبراهيم منهم.
الذمة: الحرمة والحق، بمعنى الذمام].

وجاء في المعجم الوسيط صفحة ( 338 ) :-
[الذمام: العهد والأمان والكفالة، والحق والحرمة].

ونستطيع القول: إذا كان المسلم له حرمةٌ وحق ٌ؛ّ لعموم ما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب: البر والصلة ... بأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:-
«بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». فالمصريُّ له حرمةٌ وحقٌّ آكدُ من غيره، بنص الحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "... استوصوا ... لهم ذمة وصهرا ... لهم ذمة ورحما ...".
كما ونقول: إذا كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوصي بأهل مصر خيرا؛ للصهر وللرحم، لكون الصلة من طرف هاجرَ وماريَةَ منهم، نتساءل ونقول:- كم كانت المدة الزمنية بينهم؟ وكم من الأجداد؟ كم من الآباء والأصول والفروع بيننا وبينهم؟
فنحن في حاضرنا أَوْلى بآداء جوانب وحقوقِ المصاهرة والرحم.
فكم من أُسَرٍ وعائلاتٍ في بلادنا أصولها وجذورها مصرية؟!
وكم من رجلٍ من رجالات وطننا أمهاتُهم وأخوالهم من مصر، يحملون الجنسية المصرية؟! لا زالت أمهاتهم وجداتهم تعيش بيننا!!

الخاطرة والوقفة الرابعة :-
 إن مصرَ لها مكارمُ على الأمة العربية والإسلامية، لا يمكن لإنسان أن يطمسَ ويمحوَ صفحاتِ التاريخِ المشرقةِ التي تتحدث عن هذه المكارم، وتتناولَ الآياديَ البيضاءَ التي تسدلها مصر للعالم الإسلامي والعربي والإنساني، فمصرُ؛ لها وقَفاتٌ تؤكِّد على نخوتها العربية والإسلامية، تجاه القضايا العربية والإسلامية، ويكفي الأزهرُ الشريفُ منارةً لنشر العلوم الإسلامية والمعرفة، وشوكةً في حلْق كل من يسعى لإثارة الشكوك حول التعاليم الإسلامية، بالدليل النقلي والعقلي، وبالحجة والبرهان، وبحكمة وتؤدة، وبحسن المناظرة والخطاب.

إنني لا زلت أسمع الرواياتِ الشفويةِ عن تضحياتِ الجنود المصريين؛ النظاميين والمتطوعين من أجل الدفاع عن شرف العرب والمسلمين، ولا زال تاريخ فلسطين يسطر أسماء شهداءَ مصريين، ومدافعين عن فلسطين منهم: أحمد عبد العزيز، ومحمد طه، أو البيه طه رحمهم الله، ورجال وضباط ثورة يوليو سنة 1952م وحصارهم في الفالوجا، وفي مقدمتهم القائد الرئيس/ جمال عبد الناصر رحمه الله.
لازالت أمهاتنا وجداتنا يروين لنا مشاهد الفظاعة، التي حلَّت بالجنود المصريين، وقتلهم في مدارس محافظة رفح فلسطين، ومن بينها مدرسة (أ) الإعدادية للاجئين.

ولا زالت أبيات شعر والدنا الشيخ/ أحمد فرح عقيلان رحمه الله، يرددها أبناؤنا وتتلألأ في الكتب، والدواوين الشعرية بعنوان: (يقول لنا الشهيد)، والتي قالها رحمه الله حينما نُقِلت رفات الشهداء المصريين =إن شاء الله= بعد حرب سنة 1948م على ثرى فلسطين، وجاء في هذه القصيدة:-
     
يقول لنا الشهيد دعوا عظامي                      فما في الدين مصري وشامي
دعـوني واطلبـوا ثأري فـإني                    لقتل من استباحوا الحـق ظامي
أليـست روضة الشهداء حـولي                   ونور المسجـد الأقصى أمامي
فلسطـين الجريح مكان روحـي                ووجهـة الأنبيـاء بها أمـامي

إن أعداء الإسلام من غير العرب والمسلمين؛ غيرُ غافلين عن مخططاتهم، وحبك مؤامراتهم ضد مصر والعالم العربي والإسلامي، فمؤامراتهم مستمرة، ومشاريعهم المغلقة متواصلة، هدفهم: غرسُ خنجرٍ في قلب مصر، ليكون سوطا على مصر والدول المجاورة لها، فرجال السياسة والفكر يقولون:-
إن العدوَّ يسعى إلى إقامة دولة في شمال سيناء، يمتد نفوذها إلى البحر الأحمر، ولتسيطر بموقعها على حلقة الصلة والاتصال بين الأردن والسعودية وفلسطين، لتتحكم بكافة المواصلات بين هذه الدول، لتكون هذه الدولة وسيلة لتنفيذ أي مخطط ترغب في تحقيقه الدول المعادية، والممولة لمشروع هذه الدولة.
ولتنفيذ ما يرغبون تحقيقه ضد الإسلام والمسلمين والعرب.
فكم من مشروع طُرِح ويُطرَح وزُيِّن له لتغير الخارطة الجغرافية لهذه المنطقة؟!
ولكن سياسة مصر بالمرصاد، وقوتها الفكرية والعلمية استطاعت إفشال هذه المؤامرات وإبطال هذه الحيل، لتظل مصر حصنا ووقاية للجميع.
إن مصر شريان الإسلام النابض والمتجدد، في مواجهة كافة المزاعم والافتراءات، التي يشيعها الأعداء والحاقدين ضد الإسلام والمسلمين، ومواقف علماء الأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، منارة ساطعة تغمض أعين الحاسدين، وتخرس ألسنة المفترين المتقولين، وبقوة الحجة والبرهان يكشفون زيف المفترين، ويدحضون الشبهات التي تثار ضد الإسلام والمسلمين، وبوسائل العلم والمعرفة يظهرون زيف الأعداء ضد الحضارة العربية الإسلامية.
نستطيع القول:-
إن مصر قلب العالم العربي، وشريان الإسلام النابض، ويصدق فيها الحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "مصر كنانة الله في أرضه ما طلبها عدو إلا أهلكه الله"
ومعنى كنانة:- ورد في المعجم الوسيط صفحة (837):-
[جعبة صغيرة من أدم للنبل، جمعها: كنائن.. وأرض مصر (على المجاز).. الكنان: كل ما يرُدُّ الحرَّ والبردَ والغيرانَ ونحوهما].
وجاء في كتاب: النهاية لابن الأثير صفحة (206) جزء (4):-
[كنن الكن: ما يرد الحر والبرد من الأبنية والمساكن].
ونستطيع القول:
أرض مصر (على المجاز): كنانة، فهي مجمع القوة ووسائل الدفاع عن العالم العربي والإسلامي، وهي الملاذ لكل من يشعر بسوء، أو خطر طبيعي أو بيئي أو مخطط له، فمصر تردُّ كافَّة المخاطر بإذن الله.
نسأل الله عز وجل أن يحفظ مصرَ وأهلها والقائمين عليها، وأن يحفظ كافة بلاد العرب المسلمين من كيد الكائدين، وأن يرد كيدهم في نحورهم، آمين.
اللهم اجعل بلادَنا وكافَّةَ بلاد المسلمين ومصرَ وكافة العالم أجمعين بلاد أمن وسلام، وانشر اللهم الأمن والأمان على أرجاء المعمورة، واحفظ خلقك يا حافظ، اللهم آمين!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

مع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

خواطر ووقفات



ذكرنا الآيات القرآنية التي وردت في قرآننا العزيز؛ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، والتي ورد فيها بلدة مصر الشقيقة، كما أفاد علماء التفسير، وذكرنا أيضا أحاديثَ وقفنا عليها تتحدث عن مصر وأهلها.

هذه الآيات والأحاديث تحتاج إلى تدبُّر وتحليل، لاستنباط الحِكَم والأحكام، والمواعظ والآداب، لعلنا أن ننتبهَ من غفلتنا، ونستيقظَ من نومنتا، ونأخذَ بمنهاج =وصراط= ربنا، ونتمسكَ بسنة ووصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واقتصرت في هذه العُجالة أن أذكر مجموعة من الخواطر والوقفات، استخلصتها من كتب التفاسير والحديث، مستعينا بالله وهي:-



الخاطرة الأولى؛ مع الآيات القرآنية:-

إن الآيات القرآنية التي تحدثت عن بلدة مصر؛ تؤكد بأن هذه البلدةَ قديمةُ النشأة، عريقةُ المنبت، ذات حضارة منذ قبل الإسلام، وتميّز أهل هذه البلدة؛ شعبُها وولاتُها من ملوكٍ وحكامٍ ووزراء: بدماثة الخلق، وحسن الاستقبال والتكريم للوافدين عليهم، منذ عهد سيدنا يوسف عليه السلام, فالمفسرون يقولون عند قوله تعالى: " ... ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" (يوسف(99) الآتي:

روِي أن يعقوب عليه السلام لما دنا من مصر؛ تهيأ يوسف عليه السلام لاستقباله، فكلم يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه، فخرج يوسف عليه السلام والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء، وركب أهل مصر معهما بأجمعهم، يتلقون يعقوب عليه الصلاة والسلام ....

(انظر كتب التفسير منها: (ابن كثير, القرطبي, التفسير الميسر).



وعند قوله تعالى:- "ادخلوا مصر" قال المفسرون: البلد المعروف.

وعند قوله تعالى:- " ... إن شاء الله آمنين ": من جميع ما ينوب، حتى مما فرطتم في حقي وفي حق أخي .. .

ويقول د. أ وهبة الزحيلي حفظه الله في تفسيره (التفسير الميسر) صفحة (69) جزء (13):-

[... وأمر الملك أمراءه وأكابر الناس بالخروج مع يوسف عليه السلام، لتلقي نبي الله يعقوب عليه السلام، فلما دخلوا على يوسف عليه السلام في أبهة سلطانه، بعد أن استقبلهم في الطريق مع جموع غفيرة .... ]

ثم يقول الزحيلي في نفس الجزء صفحة (71):-

[فقه الحياة أو الأحكام:- يفهم من الآيات ما يأتي:-

.....

2- دل قوله تعالى :- "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين". على تأمين الحاكم الداخلين إلى بلاده من قطر آخر، وهو أمان يشمل الأنفس والأهل والأموال.

والمراد بقوله تعالى: "ادخلوا مصر" كما ذكر ابن عباس: أقيموا بها آمنين، سمى الإقامة دخولا لاقتران أحدهما بالآخر ...]

وأقول:- إن الأصوليين يقولون: (شرع ما قبلنا شرع لنا ما لم يأتي بناسخ بنسخه)، ويوضح هذا القولَ الأصوليون في كتبهم منها: (روضة الناظر) صفحة (39) و(نزهة الخاطر) صفحة(200) جزء (2)، (المستصفى) صفحة (111) جزء (2).

هذا خلقُ ولاةِ مصرَ منذ عهد يعقوب عليه السلام؛ تتعامل مع رعاياها ومع المجتمعات والأمم، وأصحاب الهيئات باحترام وحفاوة وتكريم، منـزلين الناس منازلهم، ويتحملون مسئولية توفير الأمن والاستقرار لزوار أوطانهم، وإن كانوا على غير معتقدهم "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".

أليس قوله تعالى: "قال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن  ينفعنا أو نتخذه ولدا ... ":- تأكيدًا على عراقة هذا المجتمع المصري، في تكريمه للناس حتى ولو كانوا بمنزلة العبيد؟!!

أليس ذلك يدل على عنايتهم بتربية أولادهم "... أو نتخذه ولدا" ؟!!

أليس ذلك دليل على بعد نظرهم ورؤيتهم للمستقبل؟!!

عند تفسير هذا الجزء من الآية يذكر غالب المفسرين قولا مأثورا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما يقول فيه: (أفرس الناس ثلاثة: عزيز مصر؛ حين قال لامرأته في يوسف: "أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا"، وابنةُ شعيب؛ حين قالت في موسى: "استأجره"، وأبو بكر في عمر حيث استخلفه.

انظر تفسير القرطبي صفحة (160) جزء (9)، ومختصر تفسير ابن كثير للصابوني صفحة (245) جزء (2)، وتفسير الخطيب الشربيني صفحة (112) جزء (2)، والتفسير الميسر صفحة (233) جزء (12) وغيرها من التفاسير.

فالحقيقة والواقع يؤكدان على أن رجالات مصر عندهم بعد نظر، ورؤية ثاقبة في كثير من القضايا المستقبلية، على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، يمكِّنهم حسُّهم الأمني والمستقبلي من إفشال الكثير من المؤامرات، التي تهدف إلى زعزعة أمن العالم العربي والإسلامي، فيعالج ألئك الرجال مشاكلهم وقضاياهم بحكمة وروَّية، وصبرٍ وثبات، لإغلاق أبواب الشر والفتن، وإفشال الحيل والمؤامرات، ولا يدرك أبعاد الأمور إلا العقلاء، أما القاصرون فلا يرون الأمور إلا من بين أيديهم.





نستطيع القول:-

إن مصر قلب العالم العربي، وشريان الإسلام النابض، ويصدق فيها الحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "مصر كنانة الله في أرضه ما طلبها عدو إلا أهلكه الله"

ومعنى كنانة:- ورد في المعجم الوسيط صفحة (837):-

[جعبة صغيرة من أدم للنبل، جمعها: كنائن.. وأرض مصر (على المجاز).. الكنان: كل ما يرُدُّ الحرَّ والبردَ والغيرانَ ونحوهما].

وجاء في كتاب: النهاية لابن الأثير صفحة (206) جزء (4):-

[كنن الكن: ما يرد الحر والبرد من الأبنية والمساكن].

ونستطيع القول:

أرض مصر (على المجاز): كنانة، فهي مجمع القوة ووسائل الدفاع عن العالم العربي والإسلامي، وهي الملاذ لكل من يشعر بسوء، أو خطر طبيعي أو بيئي أو مخطط له، فمصر تردُّ كافَّة المخاطر بإذن الله.

نسأل الله عز وجل أن يحفظ مصرَ وأهلها والقائمين عليها، وأن يحفظ كافة بلاد العرب المسلمين من كيد الكائدين، وأن يرد كيدهم في نحورهم، آمين.

اللهم اجعل بلادَنا وكافَّةَ بلاد المسلمين ومصرَ وكافة العالم أجمعين بلاد أمن وسلام، وانشر اللهم الأمن والأمان على أرجاء المعمورة، واحفظ خلقك يا حافظ، اللهم آمين!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.